آراء

خرج ليطلب الرزق.. فعاد بلا ابنه! قصة أب فقد ابنه ثم فقد سمعته وحريته!

المحامية والمستشارة القانونية / سارة سعيد

|
قبل 9 ساعة و 19 دقيقة
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook

في صباح #تعزي ثقيل.. لم يكن محمد حمادي يعلم أن خروجه طلباً للرزق سيتحوّل إلى شهادة دم.. وأن يده التي اعتادت الكسب الحلال ستحمل - دون علمه ـ فخّاً صُمم ليحصد الأبرياء..

يا جماعة هذه ليست قصة انفجار فحسب.. ولكن مرآة موجعة لانهيار منظومة القانون.. واغتيال قرينة البراءة.. وتحول المواطن البسيط إلى متهم جاهز في سوق الشائعات..

محمد #حمادي.. كما يعرفه أهل الضبوعة كبيرهم وصغيرهم.. رجل صافي السريرة.. شاقي يطلب الله على نفسه وأسرته.. لم يُعرف عنه إلا الخير..

جاءه شخص من الحي نفسه يطلب منه خدمة مألوفة في زمن القهر.. إيصال لوح شمسي وبطارية.. مع رقم ومكان تسليم.. خدمة عادية بسيطة لا تُثير ريبة ولا تستدعي الخوف.. خرج محمد عند العاشرة صباحاً واصطحب ابنه ليعاونه على المركبة.. لا ليودّعه إلى #المقبرة.. لم يكن يعلم أن الرحلة القصيرة كُتبت بحبر الغدر..

وعند نقطة التسليم.. نزل محمد واتصل بالرقم المحدد.. وفي تلك اللحظة.. كانت عين تراقبه.. وصمت يسبق الجريمة..

وضغطة لاسلكية واحدة كانت كافية لتفجير العبوة عن بُعد.. كان الابن على المركبة.. والمارة حول المكان.. 

سقط الابن شهيداً.. وسقط معه عشرة آخرون ضحايا.. بلا ذنب سوى أنهم كانوا هناك..

ثم جاءت الفاجعة الثانية.. فاجعة الاتهام.. حضر الأمن.. وقُبض على محمد حمادي.. وتصدّرت منصات #التواصل رواية جاهزة.. “هو من زرع العبوة”!!

أي قسوة هذه التي تُحمّل أب مكلوم دم ابنه?! أي عدالة هذه التي تُدين قبل التحقيق?! وتقتل مرتين.. مرة بالتفجير.. ومرة بالتشهير?!

من موقع القانون.. ومن واجب الضمير.. أقولها بوضوح..

قرينة البراءة ليست ترفاً.. ولكن حجر الزاوية في أي دولة تحترم الإنسان.. والاتهام دون دليل جريمة موازية.. والتشهير قبل اكتمال #التحقيق اعتداء على الحق العام وخرق فاضح لأبسط معايير العدالة.. لإن تحميل الضحية وزر الجريمة لا يُعيد حقاً.. ولا يُواسي قلباً.. بل يفتح باب الفوضى ويُحصّن الجناة الحقيقيين خلف دخان الشائعات..

القانون يا جماعة يفرض مساراً واحداً لا بديل له.. تحقيق مهني مستقل.. أدلة فنية.. تسلسل وقائع.. ومسؤولية محددة.. أما منصات التواصل الإجتماعي فليست محاكم ولا الإشاعات أحكام قضائية.. والعدل ـ إن أردناه ـ يبدأ بكف الألسنة حتى تتكلم الحقائق..

وبصفتي محامية وإبنة هذا المجتمع.. أطالب #بالإفراج عن محمد حمادي ما لم يثبت العكس بدليل قاطع.. وبحماية سمعته وحقوقه.. وبمحاسبة كل من تورّط في التخطيط والتنفيذ والتحريض.. وكل من استباح كرامة الضحايا بالتشهير والاتهام الباطل..

كما أطالب بإنصاف أسر الشهداء.. وجبر ضررهم.. وعدم المتاجرة بدمائهم..

وإلى محمد حمادي.. صبرك الله على فراق ابنك.. وجعل دمعة الأب شاهدة على براءتك.. ونصرك على الظلم..

وإلى #المجتمع.. تحققوا قبل النشر.. فالكلمة رصاصة.. وقد تصيب قلباً بريئاً.. وإلى العدالة: حان الوقت لتعودي.. فتعز لا تحتمل جريمة بلا حساب ولا ظلماً بلا رد..

والحق.. وإن تأخر.. سيظهر..

وسؤالي الأخير لهذا المجتمع.. هل أصبح المواطن اليمني البسيط كبش فداء في #جرائم الإرهاب؟!

جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية