ما زالت التصريحات متفاوتة حول اجتماع ممثلي أطراف الاتفاق النووي بين الدول الكبرى وإيران لعام 2015 في فيينا، حيث التأكيد الإيراني على عدم قبول أي نقاش خارج الملف النووي، وتأكيد أميركي على ضرورة مناقشة الصواريخ الباليستية الإيرانية.
وعليه، ماذا علينا أن نصدق؟ المراقب لسير المفاوضات هذه يشعر وكأن طاولة اجتماعات فيينا للتفاوض باتت مائدة إيرانية، وليس طاولة مفاوضات دولية لـ«خمسة + واحد».
والخلل الأول في هذه المفاوضات هو ترويج فكرة أنها «محادثات إعادة الامتثال المتبادل بين طهران وواشنطن»، وذاك يعني رفع العقوبات الأميركية التي وضعها الرئيس السابق ترمب، وبالتالي امتثال إيران.
أي وبلغة بسيطة العودة للاتفاق النووي الخاص بعام 2015، الذي وضعه الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، وكما هو، من دون تعديل، أو إعادة كاملة للاتفاق تشمل مخاوف المنطقة الجوهرية.
ومخاوف المنطقة هي أسلحة إيران المنتشرة بأيدي ميليشيات، والصواريخ الباليستية، وغيرها من الأسلحة، والتدخل الإيراني المدمر في العالم العربي والمنطقة .
ما تريده إيران هو رفع العقوبات الأميركية أولاً، ثم العودة للمائدة الإيرانية، كون إيران هي من يحدد ما يوضع عليها، خصوصاً بعد تهديد طهران بالانسحاب في حال اشتملت المفاوضات على ما هو أبعد من اتفاق 2015.
ولا يهم ما يقوله المفاوضون الإيرانيون، أو ما يقوله وزير خارجية طهران، وإنما ما يقوله المرشد الإيراني الذي أعلن مؤخراً أن التحقق من رفع العقوبات الأميركية «يعني أن إيران يجب أن تكون قادرة على بيع نفطها، بسهولة وبطريقة رسمية، وفي ظروف عادية، والحصول على مواردها».
يحدث كل ذلك بينما تنقل وكالة «رويترز» عن دبلوماسيين غربيين أنهم سيعرفون في غضون أسابيع ما إذا كانت جولات المحادثات ستثمر نتيجة قبل انتخابات الرئاسة الإيرانية يوم 18 يونيو (حزيران) المقبل.
مما يعني أن إيران تحدد تماماً ما تريده، وما تشترطه، والوقت، بينما كل ما يريده الغرب هو إنجاز اتفاق، وبأسرع وقت ممكن، وقبل الانتخابات الإيرانية، وفي غضون أول مائة يوم للإدارة الأميركية!
ولذا فنحن لسنا أمام طاولة مفاوضات، بل مائدة إيرانية تحدد طهران ما يطرح عليها، وما يناقش فيها