عندما أخبره مندوب الحوثيين لجمع زكاة الفطر في منطقته أن يأتي بزكاته عن الأنفس التي في بيته، ومقدارها عشرة آلاف وخمسمائة بعد رفع قيمتها هذا العام؛ أجابه الرجل ضاحكا بحسرة: لم نعد نملك إلا أنفسنا هذه؛ بعنا أثاث البيت الذي يباع، وبعنا ذهب النساء، ومددنا أيدينا للناس، ونحن بانتظار نصف الراتب؛ لم نعد نملك شيء فما رأيك تأخذوني، ما باقي إلا أنا، منّي فائدة أشقي عليهم..!!
ولم يكن محصل الزكاة مازحًا، حين نصح الرجل بتقديم نفسه زكاة على الأنفس الباقية في أسرته، وأن خير زكاة هي تقديم النفس لله!!..
هذه ليست دعابة، فمن لا يملك مالًا يدفعه زكاة للحوثيين، عليه تقديم أحد أفراد أسرته زكاة على أرواح الباقين..!!؛ رفد الجبهات بالرجال والمال، هو شغل مليشيا الحوثي الشاغل، فالوعود بفتح مأرب صارت هي النكتة المضحكة!!
ولا غرابة فهم يجمعون رؤوس الماشية، ورؤوس المقاتلين، عن طريق الجباية، في مشروعية ارتضاها جزء من الشعب لنفسه!.
رغم أن الحوثيين ينهبون الناس على مدار العام؛ إلا أن موسم “السُّحتْ” الكبير يكون في رمضان، عوضا عن كونه موسم الإنفاق للمستحقين من اليتامى والفقراء والمعوزين.
يؤكَل لحم الإنسان اليمني طوال العالم؛ إلا أنه في موسم الزكاة يُسلخ جلده سلخا، وينتف ريشه بلا رحمة ولا شفقة تحت مسمى زكاة النفس والمال..!!
سياسة أجدادهم، ونظامهم القديم، لا يعرفون غيره كنظام اقتصادي، تتم به السيطرة على الشعب ومقدرات البلد.
التحذيرات الحوثية للتجار والميسورين بعدم تبديد أموال الزكاة، بدفعها للفقراء والمعوزين في مناطقهم، ليست سوى وقاحة متعمدة من هذا الكيان الذي ينهش حياة اليمنيين، فالجميع يدرك أن هذه الأموال تدفع لقتل اليمنيين في الجبهات، ولبناء الممتلكات لزعماء المليشيا، ولا يقدم منها للأُسر المحتاجة والمنتظرة لهذا العطاء السنوي أي مبالغ!!
نظام حصر الناس وممتلكاتهم وأرواحهم، وحتى ميولهم النفسية، تُؤتي ثمارها أموالًا تُنتَزّع من كل فرد، ولا ينجو من الجباية أحد، سوى خدم السلالة من المقاتلين والزينبيات وقيادات المليشيا.
هذا الحصار على التجار ورؤوس الأموال، يدفع الناس دفعًا للكساد وهجرة الاستثمار والغرق أكثر في الفقر والبطالة وانتظار معونات المنظمات.