كغيري من أبناء هذا الوطن نخاف من الفرح كي لا يتم اعتقالنا بسبب إزعاج الموتى، نخاف البكاء كي لا نُتهم بلفت أنظار العالم إلى وجعنا وألمنا، نخاف من المشي بين الأزقة وحدنا كي لا نُتهم برفع الإحداثيات وأسماء المساجد وحجارة الرصيف.
نخاف من الوطن وما يفتعل فيه بنا من وحشية العيش وقسوة التعامل وعبثية الدونية التي يُنظر بها إلينا، مجرد أجسادٍ قابلةٍ لتلقي الرصاص، وأصواتٍ لا بد أن تهتف بالمجد للقائد وإن كان يملأ فمنا حنظل.
نخاف الاعتقالات والسجون، ونخاف هتك الأعراض وسوء المنقلب، نخاف التغييب والتعذيب، نخاف حتى أن نموت ولا نجد تشييعا لائقا لجسد كان يحتضن روح الله تكريماً وتعظيماً كإنسان.
نخاف أن نُظهر أسماءنا في نقاط التفتيش كي لا يتم احتجازنا بتهمة اللقب، ونخاف أن نصلي كي لا يتم تصنيفنا إلى جماعة، ونخاف أن ندعو الله بصوت مرتفع كي لا يتم قذفنا بازدراء الدين.
نخاف أن نغني ونستمع إلى الأغاني كي لا يتم اتهامنا بتشويه الدين، نخاف أن نحمي الهوية الوطنية كي لا يتم قتلنا بدعوى حماية الهوية الإيمانية، نخاف أن نهتف بحب الوطن كي لا يتم قتلنا بتهمة الردة عن الدين، نخاف أن نقول اليمن بلدنا كي لا يتم طردنا بتهمة أننا غرباء.
نخاف أن ننشد السلام كي لا يتم اتهامنا بالعمالة، ونخاف أن نصافح بعضنا كي لا يتم تصفيدنا بالقيود بتهمة التكتل والانتفاضة، نخاف أن ننام ونصحو على واقع أسوأ مما كان عليه ليلاً.
نخاف من صوت الرعد وهطول المطر، نخاف من ايتاء الزكاة تحت قوة البطش والسلاح، نخاف من عدم الدعاء للوالي ولأيديه التي تبطش وتنهب وتسلب، نخاف أن نكون في أحلامنا قد رمقناه بسخط أو غضب أو لعنة يستحقها.
نخاف من المستشفيات وسكاكينها وأخطائها الطبية، نخاف من المحاكم وبطلان عدالتها، نخاف من الشوارع والسفر، نخاف من المدن وأبوابها الموصدة، نخاف من الغربة والنسيان.
نخاف من الهجرة وويلاتها، ونخاف الموت من الحنين إلى مساقط رؤوسنا، نخاف أن ننسى بعضنا، نخاف أن تمحو الحرب ملامحنا ونصبح غرباء جوار بعض، نخاف العبور إلى الآخرة ولا يزال بلدنا مصدر خوفنا الذي أصابنا بالحيرة والندم، نخاف أن نلقى الله ويسألنا عن الخوف من الوطن.