هناك عدد من الأفكار والصور والمقولات المغلوطة عن الحوثيين والحرب في اليمن لدى الخارج العربي والإسلامي والمجتمع الدولي، مع أنه من السهولة بمكان تفكيك تلك المنظومة النمطية التي دأبت آلة إعلامية ضخمة على تكريسها لأهداف محددة.
يأتي في مقدمة تلك الصور والأفكار أن الحوثيين يمثلون أقلية طائفية مهمشة ومضطهدة، وسط أغلبية سياسية ومذهبية ومجتمعية تسعى لاجتثاثها، ومع أن الحوثيين في اليمن يمثلون أقلية مذهبية لكنهم ليسوا ـ ولم يكونوا في يوم من الأيام ـ مضطهدين، بل إنهم اليوم يمثلون «دكتاتورية الأقلية» إن جاز أن يتم استعمال التوصيفات السياسية في حق الميليشيات المسلحة. أما بالنسبة للاضطهاد المزعوم فالواقع أن الحوثيين على مستوى الأسرة كانوا يحظون بمكانة محترمة وسط مجتمعهم المحلي، حيث كان والدهم بدر الدين الحوثي جابياً لأموال الزكاة وغيرها من الواجبات التي كان يعمل على تحصيلها بسبب مكانته الدينية والاجتماعية، إذ لم يكن الكثير من المواطنين يدفعون زكاة أموالهم للدولة، على اعتبار أن الدولة اليمنية لا مشروعية دينية لها، لأنها دولة «ظالمة» وأن زكاة «شيعة أهل البيت يجب أن تدفع لرجل منهم».
أما من الناحية السياسية فقد كان حسين الحوثي زعيم الحوثيين السابق وشقيق زعيمهم الحالي عضواً في البرلمان اليمني، وكان أخوه يحيى ـ ولا يزال ـ عضواً نيابياً كذلك
ومن الأفكار المغلوطة ـ في هذا السياق ـ أن الحكومة اليمنية والتحالف العربي يرفضون وقف الحرب في اليمن، مع أن الحوثيين منذ اتفاق استوكهولم الذي وقعت عليه الحكومة اليمنية والحوثيون في السويد نهاية 2018 هم الذين يهاجمون المدن والقرى اليمنية، ويرفضون جميع المبادرات لوقف الحرب، وآخرها المبادرة السعودية التي حاول العمانيون إقناع الحوثيين بها قبل أن ترفضها الميليشيات بشكل قاطع، واليوم تدعو الأمم المتحدة والأوربيون والأمريكيون والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي إلى وقف إطلاق النار، والذهاب إلى مفاوضات للحل السياسي، ووحدهم الحوثيون يرفضون كل تلك الدعوات والمبادرات، ومع ذلك يردد الحوثيون أن «العدوان» هو من يرفض وقف إطلاق النار.
الحرب في اليمن سببها العدوان الداخلي الذي جاء بالانقلاب على خيارات اليمنيين التي مثلتها نتائج مؤتمر الحوار الوطني الذي شارك فيه الحوثيون
ومن المقولات المغلوطة أن الحرب في اليمن اليوم جاءت بسبب عدوان خارجي على اليمن وأنها حرب على اليمن وليست – في الأساس ـ حرباً في اليمن لها أسبابها الداخلية، والحقيقة أن الحرب لم تبدأ عام 2015 وهو عام تدخل التحالف العربي، ولكن الحوثيين بدؤوها قبل ذلك بأكثر من عشر سنوات في 2004، عندما سفك مسلحون حوثيون دماء رجال الأمن في إحدى النقاط في محافظة صعدة، ومن هنا اشتعلت ست حروب بين الجيش اليمني وجماعة الحوثي، التي كانت ترفع لكل مرحلة شعاراً مناسباً لحروبها وعدوانها على اليمنيين.