يستمر مسلسل انهيار الوطن منذ انقلاب المليشيا الحوثية الإيرانية على شرعية الوطن. ويستمر فيه الانهيار على صعيد الخدمات الأساسية التي يحتاج إليها المواطن البسيط، شمالاً وجنوباً وشرقأ وغرباً، والذي بات يترك آثارا كارثية على لقمة عيش كل اليمنيين دون استثناء، ودوائهم واستشفائهم وتأمين الكهرباء.
وقد أصبح واضحا وجلياً أن معالجة انهيار الدولة اليمنية يبدأ من العمل على إزالة أسبابه، والتي هي بالدرجة الأولى تعود إلى الحرب المجنونة التي أدخلتنا فيها المليشيات الحوثية منذ انقلابها.
لا يخفى على أحد مدى تأثير وسائل الضغط التي تمارس على هذا الوطن من الداخل أو الخارج، حتى أصبحت الدولة اليمنية عنوانا للفوضى. وهذه حقيقة صارت ملموسة لكل من يتابع هذه الحرب المدمرة والتي تدخل عامها التاسع، ورغم كل هذا الواقع المأساوي الذي يعاني منه اليمنيون، باتوا غير قادرين على تحمل تداعياته.
لم يبق هناك من خيار لدى اليمنيين سوى الحوار والتوافق وفي أسرع وقت، فوضع البلد المأساوي لم يعد يحتمل أي تأخير أو مماطلة أو ديموغاجية مقززة. وصارت المناورات السياسية، من أي طرف كان، سلوكا مستهترا يدعو إلى الاشمئزاز.
لذلك، ينبغي على المخلصين من أبناء الوطن، من نشطاء وقيادات سياسية ودينية واجتماعية وعسكرية وطلابية ومهنية ومجتمع مدني، ومن أهل الثقافة والفكر والمال، ومن كل اليمنيين واليمنيات، وقبل هؤلاء وأولئك الوطنيين من أبناء هذا الشعب، أن ينحازوا جميعاً، بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية أو الفكرية أو الجهوية، إلى الوطن، وأن يدعموا مساعي السلام والوفاق عبر حوار وطني جاد وشريف، وأن يرفضوا كل المحاولات التي تهدف إلى عرقلة جهود الحوار، وإن تسترت هذه المحاولات وراء شعارات نبيلة ومبررات في ظاهرها وجيهة. وكم من كلمات حق يراد بها باطل. فلا معنى للقول بأننا مع الحوار من حيث المبدأ، أو أنه خيار استراتيجي، ثم نسوق سيلاً من المبررات تنسف الحوار أو تميعه أو تعطله أو تؤخره تحت أي ذريعة.
إن الانقسام السياسي والصراع المسلح المصاحب له، وما نتج عنهما من تدهور أمني وحرب مدمرة، أدخل اليمن في حركة متسارعة نحو الانهيار الكامل. فبالإضافة إلى الحرب وتواصل مسلسل القتل والتشريد، وما يجسده ذلك من مأساة إنسانية ومن استنزاف لأهم مورد الوطن، وهو الإنسان وخاصة الشباب، ومن إضاعة لفرص التنمية والبناء، فإن اليمن اليوم تواجه الإفلاس ماليا، والتقسيم والتدخل الخارجي سياسياً، وارتهان مستقبلها ومصيرها وإرادتها لدول إقليمية صاحبة أطماع معروفة، أو لدول أجنبية لن نستطيع حينها أن نلومها على تقديم مصالحها الأمنية والاقتصادية على مصلحة اليمن واليمنيين.
أخيراً، أقول إن من الطبيعي أن ينعكس ما يجري على هذا الصعيد على الشارع وعلى علاقة اليمنيين بعضهم ببعض، في وقت هم أحوج ما يكونون إلى الوحدة والتعاون والتكافل، ويؤدي إلى فقدان ثقة اليمنيين بوطنهم وثقة الخارج به. لذلك، نقولها لكل من يديرون هذه الحرب، أن كفى حرباً، كفى عبثاً باليمن وبمتطلبات إنسانه، عودوا إلى ضمائركم وإلى إنسانيتكم وإلى القيام بمسؤولياتكم، فمصير البلاد لا يجب أن يكون في يد حفنة من المليشيات الغوغائية المسلحة والمتآمرين والخونة والعملاء، فلن يغفر الناس لكم هذا التهاون في حمل المسؤولية وإدارة الظهر لهم إن استمررتم على هذا المنوال.. والله من وراء القصد.