آراء

ثورة 26 سبتمبر بسطور في عامها الستين

عبدالله فرحان

|
12:53 2022/09/25
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook

بالتزامن مع احتفالات جماعة نكبة 21 سبتمبر 2014 فاننا نحيي فعالياتنا وبطرقنا الخاصة احتفالا بمناسبة اكتمال العقد ال6 لثورة الوطن المجيدة 26 سبتمبر الخالدة ونجدد لها عهد وفاء لاهدافها والسير على مسار نضالات ثوارها وتجسيد مسيرتها الوطنية فكرا وثقافة وهوية ..

 

وبهذه المناسبة السبتمبرية الخالده نعرج ببعض السطور على تاريخ ثورة 26 سبتمبر 1962 بالحديث حول اهمية ثورة 26 سبتمبر كضرورة وطنية وتاريخية وبسرد موجز لاهم ابرز عوامل نجاح الثورة في عام اندلاعها 1962م وتسليط الاضواء على بعض من الظروف المحيطة بميدان الثورة عند اندلاعها .

 

وبالعودة لقراءة الواقع العربي اجمالا من المحيط الى الخليج عقب انتهاء العالم من الحرب العالمية الثانية 1945 وما نتج عنها من تغيرات سياسية وعسكرية وجغرافية لمعظم بلدان العالم وظهور اقطاب دولية جديدة .. سنجد معظم بلدان وشعوب الوطن العربي خلال عقد خمسينات القرن الماضي بانها كانت تعيش غليان ثوري ومد قومي هادر يتطلع للتحرر والاستقلال وفق مشروع قومي  يكفل للشعوب العربية حقها في استعادة حريتها وهويتها وتقرير مصيرها ...

 

 وكانت اليمن اولى هذه الشعوب التواقه لنيل حريتها باستقلالها واسترداد سيادتها التي سلبها منها المستعمر البريطاني في جنوب اليمن ونيل حريتها من دكتاتورية وتسلط كهنوت السلالة الرجعية في شمال اليمن ..  ولذا لم يكن امام هذه الاهداف المصيرية الا الاختيار الاجباري من قبل الشعب اليمني لمشروع النضال الثوري استبسالا في نيل الحرية وتترجمت تلك الاهداف نضالا عمليا في يوم ال26 من سبتمبر 1962 

 

تلك الثورة التي ببطولات ثوارها واردة شعبها حطمت حصون وقلاع واسوار كهنوت الرجعية ممثلا بالنظام الامامي في شمال اليمن ولتنطلق بسرعة الريح لتدك اسوار المستعمر البريطاني في جنوب اليمن حتى نالت اليمن ككل حريتها واستعادة هويتها العربية القومية الاصيلة لتعانق بكل فخر رفاق النضال ثوار اهرامات مصر وبابل العراق ودمشق سوريا ومليونية الجزائر ولترفد بدماء الثوار الزكية مشروع المد القومي العروبي وتهتف مع الجميع : هنا العروبة بهويتها الوطنية والقومية وبفكرها الثوري التحرري ..

 

وبالعودة مجددا الى ثورة 26 سبتمبر المجيدة ابتهاجا بذكرى انتصاراتها فمن المتوجب علينا الوقوف عند اهم العوامل الرئيسة لنجاح الثورة في العام 1962 ولنوجزها باختصار شديد  على قسمين رئيسيين :

 (عوامل داخلية وعوامل خارجية )

 

اولا / العوامل الداخلية :

ومن ابرزها الاتي :

 

1_ الانقسام داخل منظومة الحكم الملكية والذي تترجم عمليا في انقلاب 48 بقيادة عبدالله ابن الوزير وبعض رفاقه الذين ارادوا من حركتهم الثورية الاطاحة بسلطة الامام يحيى وآل حميد الدين واستبدالها بسلطة ابن الوزير وفق نظام (الملكية الدستورية )

 والتي انتهت بالاعدام والسجن لعدد من ثوارها بعد مقتل الامام يحيى حميد الدين وتولى الحكم خلفا له ابنه احمد . 

 

2 _ تأثر عدد من الضباط والادباء والمفكرين وشخصيات اجتماعية بالحركات القومية التحررية والثورية الرائدة في بعض البلدان العربية وارتباطها فكريا بحركات المد القومي وتياراته السياسية في مصر والعراق وغيرها ومن ابرزها التيار ( الناصرين والبعثي. والاشتراكي . )

 

وبالتوازي ايضا للارتباط القومي والاشتراكي كحركات يسارية ثورية تحررية مساراتها جمهورية فكرها قومي اشتراكي كان للبعض توجه عقائدي ديني مغاير للمسار الجمهوري ومعادي للثورية القومية ارتبط بعض هذا التوجه بتنظيم جماعة الاخوان تنطلق ثوريتها من مبادئ تصحيح الملكية في اطار مشروع اقامة الخلافة الاسلامية تحت قيادة تنظيم الاخوان ..  واخرى ارتبطت بتيارات سلفية امتداد للحركة الوهابية .

 

3 _ تمرد بعض القيادات القبلية نتيجة صراع الامامة مع بعض القبائل واستهداف النظام بعض الشيوخ 

 

4 _  انشاء الحركات والتنظيمات والاتحادات التنويرية السياسية والفكرية والادبية والمدارس العسكرية المنتجة للوعي التحرري والثوري المنفتح على العالم . 

 

5 _ الابتعاث للدراسات في الخارج وخصوصا الى مصر والعراق 

 

ثانيا  / العوامل الخارجية :

ومن ابرزها الاتي :

 

1 _ النتائج المباشرة للحرب العالمية الثانية التي ادت الى التغيير الجغرافي والسياسي والفكري في خارطة العالم ككل . وظهور اقطاب دولية جديدة مثل الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الامريكية كان لهذا التغيير العالمي الجديد تأثير كبير على الفكر والثقافة اسهمت ايجابا في دعم الحركات التحررية والثورية 

 

2 _ تشكيل تكوينات دولية تبنت الحقوق والحريات مثل عصبة الامم ثم الامم المتحدة والجامعة العربية وبالتزامن مع بروز عدد من الاحلاف والتحالفات الدولية السياسية والعسكرية والثقافية كحلف الاطلسي الراسمالي وحلف وارسوا الاشتراكي ثم حلف عدم الانحياز عملت على تسويق نظرياتها الفكرية ومشاريعها الايدلوجية والسباق على استقطاب الشعوب 

 

3 _ الاستهداف الثوري المباشر لليمن من قبل المد الثوري العربي بقيادة مصر وزعيمها جمال عبدالناصر في اطار مشروع التحرر القومي العربي لمواجهة الاستعمار الراسمالي والانظمة الرجعية .

 

ولعل هذا العامل هو الرئيسي والابرز ضمن العوامل الخارجية التي ساهمت بقدر كبير جدا في الاعداد لثورة 26 سبتمبر ونجاحها . 

 

حيث جعل عبدالناصر من الثورة اليمنية معركة مصيرية لتحقيق عدد من الاهداف 

وابرزها :

= خطوة متقدمة في مشروع الوحدة العربية من خلال توغل المد القومي العربي في قلب الجزيرة العربية والخليج .جنوب شرق آسيا والتعويض عن خسارة انفصال سوريا عن الجمهورية العربية المتحدة 

 

= تأمين الظهر المصري على امتداد البحر الاحمر وخصوصا بعد تأميم قناة السويس 1956 وبما يمكن مصر في معركتها القومية ضد الاستعمار الغربي التحكم بالمررات البحرية في باب المندب وقناة السويس .

 

= توجيه ضربة قاسمة في خاصرة الاستعمار البريطاني المحتل لجنوب اليمن ..

 

= تطويق دول الخليج وتحديدا المملكة السعودية التي كانت تعتبر معاركها ضد المشروع القومي والتيارات اليسارية معركة مصير  .. ) 

 

وبقدر ما كانت العوامل الخارجية سببا رئيسا لنجاح ثورة 26 سبتمبر 1962 فلقد كانت ايضا عديد من العوامل الخارجية لها تأثير كبير وسببا رئيسا لانتكاسات مشروع ثورة 26 سبتمبر .

 

ولعل ابرزها تتمثل في المملكة السعودية التي رمت بكل ثقلها في اليمن لافشال ثورة 26 سبتمبر ولتنتهي من ذلك في بانقلاب 5 نوفمبر 1967 مستغلة انتكاسة 67 في مصر وانشغال القيادة المصرية والجيش المصري بنتائج النكسة فرصة ذهبية لعقد اتفاقات عسكرية وسياسية مع فلول الامامة وبعض القبائل الموالية للامامة وجماعات عقائدية ذات ارتباط بتنظيم جماعة الاخوان المسلمين لتشكيل تحالفات مبنية على اسس التقاسم والنفعية للسلطة والثروة لتدشين معاركها نحو العاصمة صنعاءللاطاحة بسلطة قيادة تنظيم الضباط الاحرار ولتاتي بديلا عنها بسلطة التحالفات الامامية القبلية الاخوانية في اطار المشروع الراسمالي الدولي لمواجهة التيارات الثورية القومية واليسارية ..كهدف استراتيجي لتأمين الظهر السعودي والنفطي من المخاطر اليسارية ... ??!!

 

ولكن سبتمبر رغم كل تلك التحالفات المعادية لثوريتها ونظامها الجمهوري استمرت في النضال وجعلت الجمهورية حقيقة ثابته وراسخه وانتصرت بفعل نضج اجيالها وطبعت وطورت علاقاتها مع الجوار السعودي والخليجي والمصري معا وقدمت التطمينات للجميع حتى تتوجت نجاحاتها بتحقيق هدفها الوطني والقومي المجيد بتحقيق وحدة اليمن في ال 22 من مايو 1990 وتمكنت ثورة سبتمبر من غرس مفاهيم ثوريتها في اعماق الوجدان داخل صدور اليمنيين .. وما محاولات طمس الهوية السبتمبرية التي تسعى اليوم بقايا فلول الامامة واشلاء السلالية الرجعية الا محاولات للصناعة الوهم وهي حتما الى زوال 

 

المجد لثورة 26 سبتمبر والمجد لكل ثوارها والنصر للمناضلين الاحرار السائرين على خطى سبتمبر المجيدة واكتوبر العظيمة .. 

والرحمة والخلود لكل الشهداء الابرار

 

جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية