ما الذي يحتاجه اليمنيون الآن؟
أولا..
خفوت اليأس غزل الخُطى بالخُطى والحنجرة بالحنجرة والمصير بالمصير..
أفضل الثمار في حصاد الحياة هي الكرامة ومقاومة العنصرية والخرافة.. ورفض الأفكار البالية والسلالات الدعية وأكاذيب الاصطفاء، كل ذلك إلى زوال بتقادم الأيام، ومحال أن تبعث في أرض حمير من جديد وقد تسربل لمكافحتها من لسان حالهم بالأمس كما اليوم: {نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ}.
ثانيا..
الجهد الجمعي عليه الرهان وهو فاتحة الإمكانات، علينا أن لا نفقد روح الرفض.. بالحرف والندف والكف عن ممارسة التدليك السياسي والمساج العاطفي من البعض لترميم وجه الشرعية القبيح بالنقد الناعم الذي لا يجدي نفعا وهو ضرب من ضروب التطبيل.
ثالثا..
نحتاج وعاجلا قيادة تعشق الوطن، تقدسه وتحب شعبه، متخففة من الفساد، متسربلة بالعزم والضمير.. تقف أمام الصفوف وتبات على قلق ولا تهرب من ثكنات الجبهات إلى الفنادق والشاليهات والمنتجعات..
رابعا..
إعادة بناء الجيش وشد لحمته ولن يكون ذلك إلا بتغيير قيادات النهب والبلطجة في الجيش وكل المؤسسات ذات الصلة كمقدمة لتوحيد الصف الجمهوري.
خامسا..
إدراك منطق الوجود وقواعد الحرب والسلام التي أصبحت مستقرة ثابتة في القديم والحديث لا تتغير وأهمها:
"أن الحق بغير القوة ضائع، وأمل السلام بغير إمكانية الوصول إليه والدفاع عنه خبل واستسلام، وأن المبادئ والوثائق والرؤى بغير إمكانية حمايتها أوهام وأحلام مثالية، مكانها السماء وليس له على الأرض متسع".
سادسا..
الوعي بأنفسنا وإدراك أهمية موقعنا الذي هو هبة الجغرافيا ومحصلة التاريخ، اليمن بلد وسطي الموقع والهوية والهوى والرؤية والسلوك. وليس بلدا طرفيا على تخوم الغرب أو الشرق، فهو يمد ذراعية برحابة للبحرين العربي والأحمر ويشتشرف المحيط ويتأبط باب المندب من ذو باب وعدن.
كان اليمن ملاذا في فترات وحقب زمنية لكل من انخسفت بهم أوطانهم أو قوافلهم.
إذا هاجت الفتن عليكم باليمن.
وكان وعد الآخرة يحمل اسم جنته، حيث جنات عدن..
لم يعرف يوما أو يؤمن بهرطقات الأصول العرقية العنصرية، وكفاه أنه أب القحطانيين امتزج وتخالط وتصاهر مع كل الشعوب دون تعالٍ بنقاء الأصول وصنع هوية متميزة قلبها التسامح وعقلها حق الاختلاف وبزتها العمل.
حلم في العام 62 و64 بدولة حديثة فأسقط الكهنوت والاستعمار، متجاوبا مع روح العصر والتنوير والإحياء والعقد الاجتماعي فكان له ما أراد، بتضحيات من دمه وقوته حاول أن يشق طريقه في بلد تضاريسه وعرة. ومزالقه خطرة، وتشكلت دولتان في شطرين هما وطن واحد، كانت كل ثورة تحمل لصنوها مودة ودعما رغم اختلاف الساسة.
ووحد شتاته بعد حين في التسعين، ثم كانت الأثرة والاستئصال منهجا اتخذه البعض فتفرقت أيدي سبأ حتى جاء الخميني في فراغ اختلافهم فزرع بذرته ونماها على عجل فكانت نسخته المشوهة التي انتجت وجذرت عنصرية سياسية وسلوكية. مضادة لهوية الأمة اليمنية، معادية للعروبة والقيم الإنسانية، فكانت الحرب نتيجة طبيعية لهذه البذرة التي تعبدت بالايديولوجيا الفارسية وتشربتها وتمرست على خداعها ومخاتلتها، وهي اليوم تفتت الوطن من جديد وتبتلع أحلام وأشواق اليمنيين.
سابعا..
غرس هذا الفهم المشار إليه في (سادسا) في ذهنية الجيل الحاضر وتسليم الراية إليه وفتح مسرب للقيادات الشابة وفتح آفاق التذاهن الفكري والسياسي معهم وإعطائهم فرصة التدافع وهو أمر في غاية الأهمية ما تفتأ الحاجة ماسة إليه..
ثامنا وأخيرا..
إدراك اللحظة التي يمر بها بلدنا وإعادة توصيفها وضبط مصطلحها بعناية وذكاء.
نحن لسنا أمام انقلاب إمامي عابر، بل نحن في وضع احتلال فارسي خميني كامل الأوصاف لشمال بلدنا وجنوبه، على خطر عظيم ومدننا في حالة احتلال، فالتعبئة العامة شرط أساسي للخلاص، ومعركتنا قد تطول، ذلك أنها ليست معركة سياسية، بل معركة وجود، وعلى هذا الأساس ينبغي الإعداد والعمل انطلاقا من خياراتنا الذاتية أولا ودعم المحيط من الأشقاء وعدم الركون إلى الأمم المنشغلة بحروبها ومصالحها حتى لا يطول بنا الزمن وتزداد الكلفة والثمن..
وغدا لناظره قريب.