في الوقت الذي يتطلع فيه اليمنيون إلى أن ينعكس الاتفاق السعودي الإيراني إيجابا على الصراع والأوضاع السياسية والملفات الإنسانية في اليمن، إلا ان الاتفاق نزل على ميليشيا الحوثي كصاعقة غير متوقعة أفقدتها توازنها وبعثرت أوراقها التفاوضية سعت من خلالها لانتزاع اعتراف سعودي واقليمي بوجودها ككيان وخارطة جيوسياسية متبعة في ذلك نفس الاسلوب والسياسة التي انتهجها يحيى حميد الدين مع بريطانيا في عشرينيات القرن الماضي
الاتفاق الذي توصلت إليه الرياض وطهران في بكين، وقوبل بترحيب واسع واعتبره الكثيرون خطوة مهمة لبدء مرحلة جديدة تحمل معها حلولًا لأزمات ثنائية وإقليمية ودولية، ظلت لسنوات أسيرة الصراعات، مثل صدمة لميليشيا الحوثي التي اعتمدت في تأسيسها وتعتمد اليوم على تصاعد الخلاف بين الرياض وطهران في بقائها وتحركاتها السياسية والعسكرية، ووصلت لمرحلةٍ توهمت فيها أن وجودها أصبح يمثل مفتاحا ومحورا لا يمكن الاستغناء عنه في أي تقارب قد يتم بين الدولتين مستقبلا.
وتجلت صدمة ميليشيا الحوثي في تعاطيها المتخبط مع الاتفاق من خلال بعض التصريحات المبهمة لقياداتها والتي وإن بدت على انها عادية وتعكس تفاعل الحوثيين مع الحدث، إلا انها عكست مدى شعور الجماعة بالخذلان والتهميش من قبل طهران التي اثبتت من خلال اتفاقها على استئناف العلاقات مع السعودية أنها تتعامل معها كبندقية لا مكان لها على طاولة المفاوضات.
وفيما تعمد ناطق الحوثيين ورئيس وفدها المفاوض محمد عبدالسلام فليته عدم ذكر الاتفاق السعودي الإيراني وسعى لامتصاص الصدمة من خلال الحديث عن حاجة المنطقة والأمة الاسلامية لعودة العلاقات الطبيعية بين دولها، اتجه عضو المكتب السياسي للحوثيين محمد البخيتي لاستثمار الاتفاق وتحويله إلى انتصار سياسي معتبرا التجاهل الإيراني على استقلال القرار السياسي والعسكري لجماعة الحوثي، متفقا مع فليته في الترحيب بأي تقارب بين الدول الإسلامية.
ويرى مراقبون أن الاتفاق الذي مثل انتصارا للدبلوماسية الصينية أسقط مشروع الحوثيين في اليمن وسيؤدي إلى عزل ميليشيا الحوثي بشكل كامل على المستوى المحلي والاقليمي والدولي، وسيجبرها على الرضوخ للسلام، مؤكدين إن الاتفاق السعودي الإيراني يستند على اتفاقيتين، الأولى اقتصادية تم توقيعها عام 1998 من القرن الماضي والثانية أمنية عام 2001، أي قبل ظهور جماعة الحوثي، الأمر الذي يشير إلى أن طموح الحوثيين ومشاريعهم الطائفية لا مكان لها في الاتفاق والخارطة السياسية للمنطقة.
ووفقا لتقارير عربية ودولية فإن إعلان استئناف العلاقات بين السعودية وإيران الذي تضمن "تأكيد الرياض وطهران على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية" يرتبط بالعديد من الملفات الثنائية والإقليمية، أبرزها الصراع في اليمن، الذي تنخرط فيه طهران بشكل واسع، من خلال دعم وتسليح ميليشيا الحوثي، التي أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" نقلا عن مسؤولين سعوديين وإيرانيين وأميركيين بأن إيران تعهدت بوقف هجماتها ضد السعودية كجزء من الاتفاق