آراء

مزاعم الاصطفاء السلالي للحوثيين تتجاوز مزاعم اليهود

شهاب السماوي

|
12:21 2023/03/19
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook

قديما قالت اليهود والنصارى "نحن أبناء الله واحباؤه" واليوم وبعد قرون على تهاوي واندثار مثل تلك المزاعم التي سعى اليهود من ورائها لصبغ أنفسهم بصبغة إلاهية تميزهم عن بقية البشر، تأتي جماعة الحوثي لتحيي خرافة الاصطفاء من جديد وتستند عليها في بناء مشاريعها السياسية واستعباد اليمنيين ومصادرة الحقوق والحريات.

جماعة الحوثي ومن واقع إدراكها أن بناء مشاريعها في الحكم على أساس الاصطفاء والابوة الإلهية لم يعد ممكنا ويستحيل تمريره واقناع الناس به، نحت منحى آخر واتجهت نحو الاصطفاء السلالي والحق الأسري الحصري في الدين والحكم متجاوزة في مزاعمها مزاعم اليهود والنصارى في العلاقة مع الله الذي عينت نفسها نصيرا له إذ أطلقت مسمى "أنصار الله" وكأن الله الناصر الجبار ينتظر من يأتي لينتصر له، بل وذهبت بعيدا ونصبت نفسها وريثا لله في كل ما رزق به عباده ووصية على الناس ووسيطا بينهم وبين خالقهم الأقرب إليهم من حبل الوريد.

واستنادا على مثل هذه المزاعم التي رسختها مسيرة الموت الحوثية في عقول مليشياتها واتباعها، دخل الشعب اليمني في مستنقعٍ من الفوضى الاجتماعية والدينية والثقافية، نجم عنها ظهور الكثير من الهرطقات التي وصلت لدرجة الادعاء بأن قراراتها تنبع من واقع توجيهات إلهية وأن زعيم الجماعة ابن رسول الله بل وتصويره على انه مدير مكتب الله في الأرض وأن الحرب التي تشنها منذ 8 سنوات على الشعب اليمني جاءت بأوامر إلهية وانهم من خلالها ينتصرون لله ورسوله وللإسلام.

وتحت شعار "لبيك يا رسول الله" استغلت الجماعة الظلامية عاطفة اليمنيين وحبهم لرسول الله، لتمرير الأكاذيب والمغالطات سواء من خلال أقنيتها الإعلامية المشحونة بالفكر الاثناعشري الذي يرفض الآخر أو من خلال الفعاليات الطائفية التي تحولت إلى مشهدٍ شبه يومي، والتي استغلها الحوثيين لإنتاج فكرٍ جديدٍ بدأ بإعلان الموت لأمريكا وإسرائيل ولعن اليهود وانتهى بقتل اليمنيين وتجويعهم وتشويه تاريخهم الديني وإيصالهم لمرحلة تبني مواقف طائفية متطرفة مبنية على أساس التشكيك والتخوين والذي وصل لزوجات وصحابة رسول الله "ص" بل ووصول إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير.

وترجمة لما تحمله مسيرة الموت من شعارات وما تغلف به مشاريعها السلالية من مزاعم تقوم جماعة الحوثي باستهداف اليمن واليمنيين بل واستهداف الدين الاسلامي وتشويه نبل مبادئه وتشريعاته وتدمير قيم التعايش والسلام الاجتماعي ومصادرة الحقوق والحريات، وتصوير كل من يخالفها وينتقد ممارساتها وهمجيتها على انهم كفار ومنافقين لا مكان لهم في المجتمع الذي ترى انها أصبحت تمتلك الحق في تقرير مصيره ووضع اسس حاضره ومستقبله.

مزاعم جماعة الحوثي لم تتوقف عند حدود الادعاء بالاصطفاء والأفضلية السلالية في تصدر المشهد السياسي والديني والاجتماعي وتجاوزتها إلى مرحلة طمس الهوية الوطنية وتدمير تاريخ اليمن وانتقاص رموزها وإرثها الحضاري، واستبداله بتاريخ وإرث سلالي يقرن وجود اليمن وتاريخها بمجيء المتورد الرسي وأئمة الكهنوت، واعتبار ما عدا ذلك كفر وزيف وأباطيل لا يجب الالتفات إليها ولا مكان لها في حسابات الظلاميين الجدد.

جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية