الغلاء ورمضان، متواليتان مقرونتان ببعضهما، فلا نكاد نذكر إحداهما إلا ونقرنها بالأخرى. ولا ندري لماذا دائمًا وأبدًا نقرنهما ببعضهما؟ ومَنْ الذي جعل شهر الرحمة هكذا مقرونا بسعار الأسعار وجشع التجار واستغلالهم لحاجة البسطاء والغلابى والكادحين؟
انعكست كل المفاهيم الرمضانية والسبب سوء الأوضاع المعيشية للناس، وللبلد بشكل عام، ومع كل رمضان تزداد أوضاع المواطن بؤسا ولا يتحسن فيها شيء بل يزداد نهم
الأسعار، ويستمر الغلاء ينحت على أرواح البسطاء سياطه ويدمي أكبادهم وأحوالهم تصعب على الكافر وسدت في وجوههم كل منافذ الرزق.
فمن يخبر التجار أنه شهر تراحم لا شهر جشع وغلظة ضمائر وقلوب، تحولوا لجزارين وحولوا رمضان لسلخانة، وبدلًا من تسابقهم على طلب الرزق والبركة من الله، في شهر الله، يطلبونه من جلود المعدمين، يسلخونهم سلخا.
ونتيجة لهذا الوضع المزري وللحاجة الملحة، أصبح معظم المواطنين في رمضان، وبعد أن حوربوا في لقمة عيشهم، يبحثون عن قوت يومهم وتمرة إفطارهم. يبحثون عن سلة غذاء رمضانية تقيهم صراخ الأمعاء الخاوية، وبكاء الأطفال ومرارة الموت جوعا، دونما وجود لأي اجراءات احترازية من وزارة التموين والتجارة لوضع أسعار محددة للمواد الاستهلاكية تفرض على الجزارين (التجار) الالتزام بها.
كان الناس يجدون سلالا رمضانية من بعض الأغنياء، الذين مازال فيهم خير ورحمة، ولكن توقف البعض عن صرف هذه السلال الرمضانية، وجار عليهم الزمن أيضًا لينضموا إلى قائمة الانتظار مع المواطن المسكين، عالقين بين مقصلة الفقر والجوع وسلخانة التاجر الجزار، وتجمعت عليهم المآسي من كل جانب وتكالبت عليهم الهموم وضيق حال اليد. وضاقت عليهم الدنيا بما رحبت، وطن يحتضر، وراتب منقطع، وذل ومهانة، مُحارب في قوت يومه، فلا أمن في حياته ولا أمان في روحه.
وفي رمضان شهر الله، وبدلًا من أن يتعبد ويتضرع لله ،جعلته الأوضاع المأساوية والغلاء والحاجة والحرمان، ومن أجل سد جوع عائلته يبحث ويسأل ويسأل ويسأل، أين سلتي الرمضانية؟
فهل من مجيب؟!