مخطئ بل ومخطئ جداً من يعتقد أن ميليشيا الحوثي الإرهابية تراهن على قوتها العسكرية ومكانتها الاجتماعية، لأنها تظل في كل الأحوال جماعة، وإن تزيأت بزي الدولة، تلك الدولة التي اختطفت مؤسساتها وممكناتها، وظلت وما تزال منذ أكثر من ثمان سنوات تحاول إقناع اليمنيين بإمكانية تحولها من عصابية انقلابية عنصرية إلى دولة
ولكن لم يكن ذلك لينطلي على اليمنيين، ولم يكن ليتحقق لجماعة قادمة من قعر تاريخ، عصابة متمردة لم تترك جزءا فيه دون تزوير وتزييف للحقائق.. لم يستطع الانقلابيون رغم طول أمد الأزمة وسيطرتهم النارية والسلطوية على أجزاء واسعة من مناطق ومحافظات الوطن، أن يقنعوا اليمنيين حتى بيمنية وانتماء هذه الجماعة المستحدثة وفكرها الدخيل
لقد اكتشف الحوثيون ذلك الإخفاق باكراً، فلم يكن أمامهم باعتبارهم ميليشيا عنصرية في المقام الأول، إلا المراهنة على ما أتيح ويتاح لهم من فرص طارئة، جعلت الوطن يعيش قلقلات سياسية وعدم استقرار وبالتالي ضعفاً في شكل الدولة وبالتالي تأخراً سلبياً في أدائها وتماسك مكوناتها، فقد كانت وما تزال دولة وحكومة ما بعد فوضى 2011 دولة طارئة، لم تنتجها ظروف طبيعية سليمة ومتينة، فكان من المتوقع سقوطها في أبسط اختبار يواجهها، وكانت العصابة الحوثية هي الاختبار الأصعب الذي باغتها وحولها إلى شظايا متناثرة
ميليشيا الحوثي استغلت هشاشة الوضع لتنقض على الدولة وتختطف مكوناتها الظاهرية من مؤسسات وسلاح وقوة وسلطة حولتها إلى عصا قمعية، استحكمت بها رقاب اليمنيين، لتبدأ في المراهنة ليس على بطشها وقوتها ووضع قبضتها على رقبة الشعب وحسب، بل أيضاً على ضعف الدولة التي تناثرت بسبب تنافر القوى التي تتكون منها
ورغم هشاشة الدولة ومؤسساتها وضعف الحكومة الشرعية إلا ان ميليشيا الحوثي الإرهابية تظل جماعة عنصرية مختلة التوازن ولا يمكنها مقاومة دولة لها حضورها والاعتراف بها في المجتمع الدولي، لتمر ثماني سنوات والحكومة الشرعية المعترف بها دولياً لم تستطع أن تستدرك بعد أسباب ضعفها، وما تزال متمسكة بتنافر قواها.. بل يصل الأمر إلى أن تكون الخصومات بين مكوناتها أشد من خصومتها للجماعة الإرهابية التي انقلبت على الدولة والشعب، وما تزال تراهن وتنجح في المراهنة على تلك الخلافات والتنافرات التي أدت إلى إضعاف الدولة وتنافر قواها المشكلة بعد أحداث فوضى الدمار العربي التي اشتعلت في العام 2011