تثبت مليشيات الحوثي تفوقها على باقي الجماعات والتنظيمات الإرهابية بنزعتها العدوانية تجاه من تراهم خصومها، وممارسة أبشع الجرائم والانتهاكات اللاإنسانية بحقهم، وفي مقدمتهم المعتقلين الذين تعجّ سجونها السرية بالآلاف منهم في مختلف المناطق اليمنية الخاضعة لسيطرتها.
وحشية طائفية
وكشفت رابطة أمهات المختطفين في اليمن (رابطة غير حكومية تضمّ أمهات المختطفين في السجون الحوثية)، أن عددا من أبنائهن المحتجزين في السجن المركزي الخاضع لسيطرة الحوثيين في العاصمة صنعاء، يواجه خطر الموت جرّاء تردي حالتهم الصحية.
وفي إثبات على الوحشية التي تنتهجها المليشيات بحق اليمنيين الرافضين لمشروعها الإيراني الطائفي الإرهابي، قالت الرابطة، في بيان أصدرته أخيرا، إن تدهور حالة المختطفين الصحية جاءت نتيجة لحرمانهم من الرعاية الصحية المتخصصة.
حالات حرجة
واستدل البيان بالحالات الصحية المتردية التي وصلت لها حالات عدد من المعتقلين في السجون الحوثية، إذ أكد أن المختطف "محمد عبد الله الردة"، يمثل إحدى الحالات المتضررة بشكل كبير، سيما وهو يعاني من ذبحة صدرية، إضافة لانخفاض نسبة الدم حتى أصبحت حالته حرجة للغاية.
وأضاف بلاغ الأمهات أن المختطف "خالد محمد" يعاني هو الآخر من التهاب الكبد المناعي وأمراض في الكلى، فيما يعاني المختطفان "عبده حسن عصيبة"، و"محمد لطف الحسام" من تفاقم حالتهما الصحية بعد إصابتهما بالتهاب الكبد.
مناشدات بلا صدى
وناشدت الرابطة جميع اليمنيين والمنظمات الحقوقية والدولية التدخل العاجل لإنقاذ المختطفين المرضى وإعادتهم إلى عائلاتهم لينالوا حظهم من الرعاية، ويبقوا في أيام مرضهم القاسية بين أمهاتهم وأبنائهم.
وحمّلت أمهات المختطفين جماعة الحوثي المسلحة كامل المسؤولية عن حياة وسلامة المختطفين.
ودعت الرابطة منظمة الصليب الأحمر الدولي إلى زيارة السجن المركزي بصنعاء وتمكين المختطفين من حقوقهم الطبيعة وحصولهم على الرعاية الصحية لإنقاذهم.
أنين الأمهات لا يسمعه العالم
وعلى الرغم من تنفيذهن العديد من الوقفات الاحتجاجية والمناشدات التي أطلقتها رابطة أمهات المختطفين في حضرة المبعوثين الأمميين المتعاقبين إلى اليمن، وكذا اللجان والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، فإنها لم تجدِ نفعاً، كما تقول "ف.ع."، والدة أحد المختطفين، إلا أنهن يواصلن إطلاق صرخاتهن ومناشداتهن علها تحدث اختراقاً جوهرياً في جدار ما وصفته "بالصمت الرسمي والدولي تجاه قضية أبنائهن الذين يقبع بعضهم منذ سنوات طوال في معتقلات الميليشيا الحوثية دون ذنب اقترفوه".
وأكدت "ف.ع."، لـ"اندبندنت عربية "، أن "المبعوث الأممي والمنظمات الإنسانية الدولية المعنية بالأمر، تكتفي بقطع الوعود لهن سعياً للإفراج عن المعتقلين، إلا أن تلك الوعود سرعان ما تتلاشى مع الأيام".
وفي ذات السياق، تؤكد المحامية الحقوقية، هدى الصراري، أن العالم لم يعد ينظر اليوم للكم الهائل من الانتهاكات التي تُمارس من الحوثين بحق الشعب اليمني دون تحريك أي ساكن، بخاصة من الأمم المتحدة ووكالاتها الإنسانية التي تظل عاجزة عن اتخاذ أية إجراءات رادعة تحدّ من تلك الانتهاكات والجرائم.
أوضاع صعبة
المحامية الصراري، التي حازت أخيرا على "جائزة الأورورا للصحوة الإنسانية" لدفاعها عن المعتقلين، تؤكد أن المعتقلين والمختطفين لدى جماعة الحوثي يعانون أوضاعاً إنسانية صعبة للغاية على الصعيدين الصحي والنفسي، جراء تعرضهم للتعذيب والممارسات اللاإنسانية.
وبحسب تقارير حقوقية وثقتها بناء على إفادات لضحايا اعتقالات واختطافات، أكدت تعرضهم لمختلف صنوف التعذيب الجسدي والنفسي والاعتداء اللاأخلاقي الذي عانوه في ظل فترة اعتقالهم.
قتل وانتهاكات
وتسترسل الصراري في سرد روايات بشعة موثقة تمارسها ميليشيات الحوثي بحق المعتقلين، ومنها "تغييبهم في أماكن سرية بناء على شهادات ضحايا، والقتل خارج نطاق القانون، وقد تم توثيق تلك الانتهاكات من قبل جهات حقوقية عدة ورفعها في تقارير ذكرتها منظمات حقوقية دولية".
عجز دولي
وفيما يشبه العجز أو التماهي الذي تتهم به المنظمات الدولية في تعاملها مع ميليشيا الحوثي، تلفت الحقوقية اليمنية الانتباه إلى أن "المنظمة الدولية للصليب الأحمر غير قادرة على زيارة المعتقلات السرية والسجون التابعة للحوثيين بسبب التعسف الواضح في الخضوع للمعايير الدولية للقانون الدولي الإنساني المتعامل به في الصراعات المسلحة".
منظمات تكرس للمليشيات
وبحسب الصراري، فالأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل راحت الميليشيا تنشئ جهازا أمنياً يدعا "النمشا"، هدفه إجبار المنظمات الدولية والمحلية العاملة في المناطق الخاضعة لسيطرتها للانصياع الكلي لاستراتيجية الجماعة.
وتوضح أن الجهاز يكرس عمله لتوجيه البرامج والأنشطة المتعلقة بالمجال الحقوقي الإنساني لمشيئة الجماعة الحوثية وإخضاع التمويل المعتمد له بالكامل لتسيير وتمويل المجهود الحربي للحوثين في الجبهات، وكذا تمويل برامج تغيير المناهج الدراسية والأنشطة العقائدية التي تشرف عليها قيادات حوثية رفيعة سعياً منها لإحداث تغيير جذري في العمق التاريخي والثقافي اليمني وتمزيق السلم في أوساط المجتمع المحلي.
وللصحافيين نصيب
ولم يسلم الصحافيون المعتقلون في السجون الحوثية من صلف المليشيات التي تعتبرهم "مرتزقة أشد خطراً من المرتزقة الذين يقاتلونها في جبهات القتال"، بحسب وصف زعيم الميليشيا خلال خطاب سابق له.
وكانت منظمة حقوقية يمنية، قد كشفت، الشهر الماضي، عن "تدهور الوضع الصحي" للصحافيين المعتقلين القابعين بسجون جماعة الحوثي في العاصمة صنعاء، منذ خمس سنوات.
وقالت المنظمة الوطنية للإعلاميين اليمنيين "صدى"، في بيان ، إنها تلقت بلاغات ومعلومات تؤكد تدهور الحالة الصحية للصحافيين المختطفين منذ 19 يونيو (حزيران) 2015.
وأوضحت أن الصحافيين: حارث حُميد، وعبد الخالق عمران، وعصام بلغيث، وهشام طرموم، وأكرم الوليدي، وهشام اليوسفي، وصلاح القاعدي، وتوفيق المنصوري، يعانون من عدة أمراض تتنوع بين انزلاقات في العمود الفقري، والروماتيزم، وأمراض الكبد والسكر وقرحة المعدة، وسوء التغذية، فضلا عن إصابة أغلبهم بتدهور الرؤية في العينين، والإصابة بحالات نفسية نتيجة طول فترة اعتقالهم.
مئات المعتقلات وآلاف المعتقلين
وفي سابقة لم يعهد لها التاريخ اليمني مثيلا، تؤكد النزعة القمعية التي تنتهجها ميليشيا الحوثي سلوكاً تاريخياً في سبيل تطويع وإخضاع اليمنيين لسياساتها الطائفية، أكدت تقارير حقوقية أن الجماعة تدير نحو 203 سجون، بينها 78 ذات طابع رسمي، و125 معتقلا سرياً، إضافة إلى استحداث سجون سرية خاصة في أقبية المؤسسات الحكومية، كما هو الحال مع اللجنة العليا للانتخابات، التي نقل الحوثيون إليها مئات المختطفين، كما تحتجز مئات المدنيين في المواقع العسكرية والمساجد والملاعب الرياضية وغيرها.
وتقول وزارة حقوق الإنسان اليمنية إن عدد المختطفين والمحتجزين تعسفيا في سجون الحوثيين بلغ نحو 14 ألف شخص، بينهم سياسيون وكتاب صحافيون ومدونون بشبكات التواصل الاجتماعي.
*اندبندنت عربية