محلي

لا عدالة لضحايا اغتصاب الأطفال في اليمن الذي مزقته الحرب

ورلد كرنش - اليمن اليوم - ترجمة خاصة:

|
12:26 2024/12/31
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook

أدى غياب التوثيق وآلية المساءلة الدولية القادرة على ردع الأطراف المتحاربة في اليمن إلى تفاقم خطورة الانتهاكات المتعلقة بالاعتداء الجنسي على الأطفال. انتشرت هذه الانتهاكات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وكشفت عن حجم الجرائم غير المعلنة التي لم تجد طريقها بعد إلى العدالة.

كانت فتاة تبلغ من العمر تسع سنوات تلعب في أحد أحياء العاصمة اليمنية صنعاء، حيث تعيش هي وعائلتها. وبدون علمها، كان رجل يراقبها وينتظر اللحظة المناسبة للهجوم عليها، وفي صباح يوم 26 يونيو، اعتدى عليها جنسيا في الطابق الثاني من المبنى الذي تقيم فيه عائلتها.

غير الاعتداء حياة الفتاة وعائلتها إلى الأبد، حيث شرعوا في رحلة صعبة لتحقيق العدالة. رغم الأدلة القوية واعتراف الجاني، استغرق الأمر شهورا حتى ادانته النيابة الجنائية المتخصصة في صنعاء في 14 سبتمبر بالاختطاف والاعتداء الجنسي، بحسب محامي العائلة، ناظم الحريري.

غير أن المحكمة أسقطت لاحقا تهمة الاختطاف، وأدانت الرجل فقط بالاغتصاب وحكمت عليه بالسجن 15 عاما، إلى جانب غرامة قدرها 6 ملايين ريال يمني (حوالي 24 ألف دولار). فقررت الأسرة، إلى جانب محامي الفتاة، الاستئناف.

وأضاف المحامي بالقول: "تستند أدلتنا إلى مجموعة من الاعترافات والشهادات التي لا تترك مجالا للشك في تورط المدعى عليه. غير أن المحكمة الابتدائية عدلت التهمة وحكمت على المتهم بعقوبة لا تتناسب مع خطورة الجريمة".

وأردف : "نطالب بإعادة محاكمة المدعى عليه أمام المحكمة العليا، وتطبيق العقوبات القصوى المنصوص عليها في القانون، بما في ذلك عقوبة الإعدام. لن نتردد في استخدام جميع الوسائل القانونية المتاحة لتحقيق العدالة للطفلة وعائلتها".

هذه الحالة هي واحدة من العديد من الحالات التي لم يتم توثيقها، ويرجع ذلك جزئيا إلى القيود المفروضة على الصحفيين والمنظمات الإنسانية العاملة في اليمن منذ بدء الحرب في عام 2015.

ففي عام 2022، أشار تقرير الأمين العام للأمم المتحدة إلى أن 1,596 طفلا، من الفتيان والفتيات، تعرضوا لانتهاكات جسيمة في اليمن، بما في ذلك التجنيد والقتل والتشويه والعنف الجنسي والاختطاف، بالإضافة إلى الهجمات على المدارس والمستشفيات، ومنع إيصال المساعدات الإنسانية.

نقص التوثيق والخوف من الخجل

أدى الافتقار إلى التوثيق المناسب وغياب آلية المساءلة الدولية إلى تفاقم الانتهاكات المتعلقة بالاعتداء الجنسي، والتي غالبا ما تتفاقم بسبب وصمة العار التي تحيط بالناجيات.

ومع ذلك ، وجدت القصص والحوادث طريقها إلى وسائل التواصل الاجتماعي وأثارت الرأي العام. بالرغم من انتهاك خصوصية الأطفال واستغلال قضاياهم من قبل مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن هذه القصص تلفت الانتباه إلى كمية هذه الجرائم التي لم يتم الإبلاغ عنها وظلت دون عقاب.

فبين أبريل 2022 وديسمبر 2023، وثق تقرير صادر عن مؤسسة رصد لحقوق الإنسان سبع حالات اغتصاب أطفال تتراوح أعمارهم بين 8 و15 عاما. وكان من بين الجناة أفراد من الحوثيين والحكومة المعترف بها دوليا والمجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي.

الحرب هي السبب الرئيسي لجميع الانتهاكات ضد الأطفال.

ومع ذلك، لا يتم الإبلاغ عن عنف ووحشية الانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال بشكل شامل، حيث لا يشمل ذلك إلا الحالات التي تمكنت فرق الرصد من توثيقها في غضون فترة زمنية قصيرة. ووفقا للتقرير، يخشى الضحايا من انتهاك خصوصيتهم، وأن توصم عائلاتهم. هذه الحالة من الخوف والترهيب تمنعهم من الاستجابة لعمليات التحقيق والتوثيق التي يقوم بها الباحثون.

تقول الناشطة الحقوقية كوكب الذيباني: "الحرب هي السبب الرئيسي لجميع الانتهاكات ضد الأطفال".

واضاف: "لقد جعلت جميع أطراف النزاع في اليمن منهم أدوات ورأس مال لتجار الحرب. لقد فقدوا الرعاية من عائلاتهم ومن الدولة ومن جميع المؤسسات والخدمات الحيوية، مثل الصحة ونظام العدالة. وبالتالي، قد يتعرض أي طفل للاعتداء الجنسي وحتى القتل.

الوضع السياسي المضطرب في اليمن لا يسمح بعمل آليات العدالة، خاصة مع الهجوم الممنهج على منظمات حقوق الإنسان التي قد تراقب وتوثق الانتهاكات والجرائم ضد الأطفال".

وقالت "هذه القضية هي قنبلة موقوتة، وكل هذه التحديات لا ينبغي أن تجعلنا نقف مكتوفي الأيدي. يجب أن نطالب بإنهاء الحرب أولا وقبل كل شيء، وإقامة دولة حقيقية تفرض القانون على الجميع، وتلزمهم باحترام المعايير الدولية والعرفية لحقوق الإنسان".

وتابعت بالقول "ما يمكننا القيام به الآن هو دعم المنظمات الدولية والمحلية لمواصلة عملها، وإنشاء آليات حماية مجتمعية من خلال تثقيف الأسر، وعلى الأقل يمكننا حماية الأطفال من الأخطار الواضحة التي يتفق عليها الجميع، مثل التحرش".

الجناة يفلتوا من العقاب

وتعرض شقيقان، وهما صبي وفتاة ، للاغتصاب مرارا وتكرارا من قبل رجل نافذ في عدن، المدينة الجنوبية التي تعمل كعاصمة مؤقتة للحكومة المعترف بها دوليا. أجبر المشتبه به الفتاة على مشاهدة اغتصاب شقيقها، والعكس، وأحيانا كان يفعل ذلك أمام الوالدين تحت التهديد، بحسب المحامية تهاني الصراري، التي وثقت انتهاكات جسيمة بحق الأطفال في عموم مدينة عدن، واستأنفت في 10 حالات اغتصاب أطفال في عدن وأبين.

تابعت المحامية القضية لأكثر من عام ، وجمعت أدلة لما وصفته بأنها واحدة من أكثر قضاياها إرهاقا نفسيا. غير أنها فقدت فجأة العائلة ولم تتمكن من الوصول إليهم.

وقالت "وصمة العار والخوف والقلق، خاصة عندما يكون للجناة تأثير كبير، يمنع العائلات من الإبلاغ أو الملاحقة القضائية".

وبحسب المحامي خالد الكمال، فإن حالات اغتصاب الأطفال ازدادت بشكل كبير منذ بداية الحرب. وقال إنه يتلقى قضايا جديدة في مكتبه يوميا تقريبا، مقارنة بما كان عليه قبل الحرب عندما كان يصادف حالة أو حالتين من هذا النوع شهريا.

نقص الدعم النفسي والآثار المترتبة مدى الحياة

أوضحت ناشطة نسوية في اليمن كيف تعرضت أختها للاغتصاب وكيف حاولت العثور على طبيب نفسي لمتابعتها، دون علم والديهما. ذهبوا في النهاية إلى مصر لإيجاد حل.

وأضافت: "لا أريد أن يعرف والداي. أخشى أنهما لن يتمكنا من التعامل معها، مما قد يضع أختي تحت ضغط أكبر. لا أحد يعرف ذلك باستثناء أخواتي، ونحن نحاول مساعدتها بقدر ما نستطيع".

وقالت إنها لم تبلغ الشرطة بالحادثة لأن التحقيق هو الذي سيقود عائلتها إلى معرفة ذلك إذ لا تعرف كيف سيتعاملون مع الأمر. قالت إن شقيقتها لم تزر حتى طبيبا لأن المستشفى سيبلغ الأجهزة الأمنية.

غالبا ما يؤدي الاعتداء الجنسي على الأطفال إلى عواقب وخيمة وطويلة الأجل، لا سيما في اليمن، حيث ازداد ضعف نظام الرعاية الصحية الهش بسبب سنوات الصراع. ومع عمل 51٪ فقط من المرافق الصحية، وعدم دفع أجور العاملين في مجال الرعاية الصحية، والنقص الحاد في الأدوية الأساسية، فإن البلاد عاجزة عن معالجة أزمة الصحة النفسية المتنامية

جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية