مثل تفجير جامع دار الرئاسة في جمعة رجب بداية انزلاق البلاد نحو مسلسل دموي للسيطرة على السلطة، مستبدلين الصندوق كوسيلة حضارية للتداول السلمي للسطة بالبندقية والبارود، وهي أداة فعالة لدى الجماعات الإرهابية الانقلابية التي تشاركت جريمة إسقاط البلاد في مستنقع الدماء.
مرت 14 عامًا على جريمة استهداف كبار قيادات الدولة في جامع دار الرئاسة في جمعة رجب 1432هـ، مما أكد دموية عصابات الشر كشركاء في ساحات الانقلاب، وتأكيدًا على نهجهم الإرهابي والتدميري للوطن من خلال استهداف أركان الدولة في عملية إرهابية غير مسبوقة أدانتها الشرائع والأمم.
الثالث من يونيو 2011 بتوقيت صلاة الجمعة، الذي صادف أول جمعة من شهر رجب الحرام، تجمع المصلون من رجالات الدولة إلى مسجد دار الرئاسة في النهدين، تقدمهم الرئيس علي عبدالله صالح، وبينما تراصت الصفوف وبدأ المصلون في تأدية صلاتهم، فجأة علت التفجيرات على صوت التكبيرات، وتحولت المأذنة إلى مدخنة يتصاعد منها دخان الخيانة والغدر والإرهاب.
تحول المسجد إلى بقايا تدمير مفحم بالسواد، ليس أشد من سواد قلوب مدعي المدنية والخلافة الإسلامية، من لم يمنعهم من هذه الجريمة لا البيت الحرام ولا التوقيت الحرام، ولا الشهر الحرام، وهرع مرافقوا بعض المسؤلين وأفراد من قوات التدخل السريع، لإنقاذ المصلين والبحث عن جثة الرئيس صالح بين الأشلاء والجثث المتناثرة.
250 شخصا كانوا يؤدون صلاة الجمعة، على رأسهم القيادة العليا السياسية، ومجلسي النواب والشورى، وقيادات وزارية ومؤتمرية نجا منهم مأتان وعشرة أشخاص، جميعهم بإصابات متعددة وإعاقات دائمة، وانتقل إلى ربه أحد عشر شهيداً على رأسهم الشهيد عبدالعزيز عبدالغني رئيس مجلس الشورى.
كان الطوفان البشري من الجماهير في ميدان السبعين رافعين شعار جمعة الأمان، وعند سماعهم الإنفجارات لم يعرفوا ماذا حدث، كان يومهم عصيباً ومليئاً بالتكهناتا، ولم يعرف الجميع ماحدث ومامصير الرئيس صالح ورجالات الدولة..
على الجانب الاخر، هلل وكبر من كانوا في ساحات الفوضى وهتف صوت خطيبهم بمكبرات الصوت معتبرا هذه الجريمة بالبشرى السارة.
في المقابل لم يتاخر صوت الرئيس علي عبدالله صالح، في طمأنة الشعب بأنه بخير، كان صوته وقتها مجرد إجتثاث وإفشال لمن نفذوا الجريمة واعتبروا بأنهم سيصعدون من خلالها إلى كرسي السلطة.
لم تصدق المعارضة والمخربون بأن هذا الصوت هو صوت صالح، بينما تحولت سماء العاصمة صنعاء ومحافظات عدة إلى مزيج من الألعاب النارية إحتفاء بنجاة الرئيس ورجالات الدولة.
لم تكتفي جماعات الإسلام السياسي، بما صنعوه في الساحات من فوضى خلاقه، كانت منطلقاً لتهيئة البلاد إلى بركة من الدم، وذلك ماحدث ويحدث إلى اليوم، بل الكارثة أن منهم من لايزال إلى اليوم في نفقه المظلم، متناسيا الماضي المليئ من الأخطاء والخطايا ومن أوصل الشعب إلى ماهو عليه اليوم.