أبلغ هشام الحكيمي، مدير السلامة والأمن في منظمة إنقاذ الطفولة الدولية في اليمن، زملائه في أواخر شهر أغسطس 2023 بأنه معرض لخطر الاعتقال، ثم اعتقلته جماعة الحوثيين، التي تسيطر على معظم شمال اليمن، في العاصمة صنعاء في أوائل شهر سبتمبر، واقتادته إلى مكان مجهول.
وفي أواخر شهر أكتوبر، أعلنت منظمة إنقاذ الطفولة أن الحكيمي توفي في المعتقل. كان عمره حين ا44 عاما. ووصفت المنظمة وفاته بأنها "غير مبررة" ودعت إلى إجراء تحقيق.
وبعد أكثر من 16 شهرا، لم تصدر منظمة إنقاذ الطفولة ولا الحوثيين تفسيرات رسمية لاعتقاله ووفاته. أدت موجة من الاعتقالات الإضافية ووفاة عامل إغاثة آخر في الحجز إلى زيادة إلحاح الأسئلة، والخيارات الصعبة، التي تواجه قطاع الإغاثة وغيره من العاملين في اليمن.
ومنذ مقتل الحكيمي، صعد الحوثيون من هجماتهم على عمال الإغاثة والمجتمع المدني المحليين، واعتقلوا أكثر من 50 شخصا في شهر يونيو 2024، من بينهم 13 موظفا في الأمم المتحدة، ثم اعتقلوا ثمانية آخرين من موظفي الأمم المتحدة في شهر يناير من هذا العام. ولا يزال العديد من المعتقلين معزولين عن العالم الخارجي، جرى إطلاق سراح ثلاثة على الأقل. وتوفي أحد موظفي الأمم المتحدة في المعتقل في أوائل شهر فبراير الماضي.
وقد وضعت هذه المآسي قطاع الإغاثة في مأزق مزدوج. ويدعو بعض أقارب المعتقلين وبعض الخبراء اليمنيين قادة الإغاثة إلى فرض خطوط حمراء أكثر صرامة ضد تدخل الحوثيين في العمل الإنساني، بما في ذلك اعتقال عمال الإغاثة. من جهة أخرى، يمكن أن يؤدي إزعاج الحوثيين إلى مزيد من الاعتقالات أو فقدان القدرة على الوصول إلى المجتمعات التي تحتاج إلى الإغاثة، والتي هي الآن عرضة لآثار خفض المساعدات من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وأجرت منظمة "نيو هيومانيت" تحقيقا شمل مقابلات مع خمسة خبراء في اليمن، بالإضافة إلى أقارب ثلاثة من عمال الإغاثة المحتجزين حاليا. قال الجميع إن منظمات الإغاثة تحملت تدخل الحوثيين في عملهم لفترة طويلة جدا، مما أدى إلى المساس بالمبادئ الإنسانية والتخلي عن نفوذها اللازم لردع اعتقالات الحوثيين لموظفيها.
وقالت نيكو جعفرنيا، باحثة في هيومن رايتس ووتش تركز على الانتهاكات في اليمن والبحرين: "المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية العاملة في اليمن، لا يفعل ما يكفي للمناصرة من أجل الإفراج عن المحتجزين".
وأضافت أن "الكثيرين واصلوا أعمالهم في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون دون اتخاذ الإجراءات الكافية لحماية الموظفين غير المعتقلين". وأردفت: "عليهم ممارسة المزيد من الضغط على الحوثيين للإفراج عن الموظفين المحتجزين، وإنهاء الممارسات الأخرى، مثل حرف المساعدات عن مستحقيها، والتي استمرت منذ سنوات".
وانتقد أقارب المعتقلين الثلاثة الذين تحدثوا إلى منظمة "نيو هيومانيت" ما وصفوه بالاستجابة الفاترة على الاعتقالات من قبل الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية، وقالوا إنهم يأملون في أن تدفع التغطية الإعلامية منظمات الإغاثة إلى اتخاذ إجراءات أقوى لمصلحة المعتقلين.
وثقت جماعات حقوق الإنسان اليمنية مئات حالات الاحتجاز التعسفي من قبل الحوثيين منذ استيلائهم على صنعاء في أواخر عام 2014. وقد استهدفت المعارضين السياسيين والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والأقليات الدينية، كما تدير شبكة من مراكز الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية حيث يتفشى التعذيب.
وجرى اعتقال بعض المعتقلين من أجل الحصول على فدية أو للإجبار على تبادل الأسرى مع الحكومة المعترف بها دوليا التي تحكم معظم جنوب اليمن من مقرها في عدن وخارجها. وفي عام 2021، اعتقل الحوثيون حوالي 20 موظفا سابقا في السفارة الأمريكية في صنعاء، وقد علقت السفارة أعمالها في عام 2014، حيث لم يفرج إلا على بعضهم.