قالت منظمة أوكسفام إنترمون إنه بعد مرور عقد من الزمن على الحرب التي أشعلها الحوثيون في 26 مارس عام 2015، وتدخّل التحالف الذي تقوده السعودية لإعادة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً إلى السلطة، لا تزال البلاد منقسمة بشدّة وتواجه انهياراً اقتصادياً وأزمة إنسانية مدمّرة.
وتسبّبت السياسات المالية المتنافسة في الشمال والجنوب في الانهيار الاقتصادي.
وأدّت انتهاكات حقوق الإنسان من قبل الحوثيين، واحتجاز العاملين في المجال الإنساني، والشروط غير المقبولة التي يفرضها الحوثيون في صنعاء على المساعدات إلى تفاقم المعاناة.
وذكرت أوكسفام في تقرير حديث لها أنه في الجنوب، وعلى الرغم من الدعم الدولي القوي، فشلت الحكومة المعترف بها دولياً في توفير الخدمات الأساسية أو استقرار العملة.
وعلى مدى السنوات العشر الماضية، انخفضت قيمة الريال اليمني بأكثر من 90% في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، ما جعل الضروريات الأساسية مثل الغذاء والمياه والرعاية الصحية بعيدة المنال بالنسبة لمعظم اليمنيين.
ويتفاقم هذا التضخّم، إذ خسر الريال 30% من قيمته في شهر فبراير وحده.
وفي الشمال، جعل الحوثيون من الصعب والمحفوف بالمخاطر بشكل متزايد على المجتمع الإنساني العمل وتوفير الغذاء الأساسي والنقد والمساعدات الأخرى.
وأدّى الاحتجاز التعسّفي وغير القانوني للعاملين في المجال الإنساني وأعضاء المجتمع المدني اليمنيين إلى تفاقم بيئة العمل الصعبة بالفعل، إذ دعت المنظمة الدولية سلطات الحوثيين إلى إطلاق سراح جميع المعتقلين بشكل غير قانوني، بما في ذلك موظفي منظمة أوكسفام إنترمون.
وأدّت بيئة القيود والخوف التي فرضها الحوثيون، إلى جانب تجميد الحكومة الأمريكية لتمويل المساعدات الخارجية وفرض مخاطر قانونية متزايدة، إلى دفع العديد من المنظمات الإنسانية إلى تقليص عملياتها، ما ترك الملايين من الناس دون وسائل البقاء ودون الوصول إلى التعليم والرعاية الصحية.
وتواجه الأسر ارتفاعاً في الأسعار وانخفاضاً في المساعدات الإنسانية.
وقالت رئيسة قسم المناصرة والحملات الإنسانية في منظمة أوكسفام الدولية، بولين شيتكوتي: "يستحق اليمنيون، ولديهم الحق، في العيش في أمان، والحصول على الغذاء والمياه والرعاية الصحية، والتقدم على الطريق نحو مستقبل سلمي".
وأضافت: "لقد كان العقد الماضي مدمّراً بالنسبة لليمنيين، ولن نرى سوى هذه العواقب المميتة تتفاقم في غياب إجراءات عاجلة من جانب السلطات والمجتمع الدولي للسماح للاقتصاد ومجتمع المساعدات بالعمل".
وتعرضت خدمات التعليم والصحة للتدمير، ما ترك الملايين من الناس دون دعم أساسي وموظفي الخدمة المدنية دون رواتب. وتأثرت المرافق الصحية في جميع أنحاء البلاد بشكل كبير بسبب الصراع، إذ أن 40% فقط من المرافق الصحية تعمل جزئياً أو تم إغلاقها بالكامل بسبب نقص الموظفين والأموال والكهرباء والأدوية والمعدات.
ودمرت الحرب معظم البنية التحتية الحيوية في اليمن مثل الطرق والجسور والأسواق والمستشفيات والمدارس والمصانع الخاصة التي كانت تدعم اقتصاد البلاد.
ورغم تجميد خطوط المواجهة إلى حد كبير منذ وقف إطلاق النار في أبريل 2022، فإن السياسات النقدية المتنافسة وغياب اتفاق سياسي شامل تركت أكثر من 17 مليون شخص، أي ما يقرب من نصف سكان اليمن، يعانون من انعدام الأمن الغذائي.
وتواجه الأسر اليمنية ارتفاعاً في الأسعار وتقليصاً في المساعدات الإنسانية بسبب تصنيف الحكومة الأمريكية للحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية.
ويخلق هذا التصنيف عقبات كبيرة أمام المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة والواردات التجارية من الأغذية والأدوية.
كما أن ذلك يضيف عائقاً أمام التدفق الحيوي للتحويلات المالية من اليمنيين في الخارج إلى أسرهم، والتي تمثل نحو خمس الناتج المحلي الإجمالي لليمن وتشكل جزءاً أساسياً من شبكة الأمان الاجتماعي في البلاد.
وشدّدت أوكسفام على أن اليمنيين يحتاجون إلى رؤية نهاية لانتهاكات الحوثيين لحقوق الإنسان والهجمات الدولية، ولكن هذا التصنيف على الأرجح لن يحقق هذا الهدف.
ودعت الحكومات إلى دعم آليات المساءلة الدولية لجميع أطراف الصراع، بدلاً من معاقبة الأسر اليمنية بقطع المساعدات المنقذة للحياة.
وأدّى عقد من الصراع إلى مقتل عشرات آلاف الأشخاص ونزوح ما يقرب من خمسة ملايين شخص، معظمهم من النساء والأطفال.
وتوقّعت أوكسفام أن ترتفع أرقام الضحايا مع فرض المزيد من الحواجز القانونية والأمنية على اقتصاد المساعدات والمجتمع.
وقالت شيتكوتي: "يجب على القوى الإقليمية والعالمية العمل معاً لدعم سلام حقيقي بدلاً من دعم الفصائل المتحالفة وتعزيز مصالحها السياسية الضيقة. ولا يمكن لليمنيين الخروج من الأزمة والتمتع بالسلام والأمن إلا من خلال عملية سياسية بقيادة يمنية، تشمل النساء والشباب والمجتمع المدني".