تُعدّ التغذية السليمة أحد العناصر الأساسية في رعاية مرضى الأورام، إذ تلعب دورًا مباشرًا في دعم جهاز المناعة، والحفاظ على الكتلة العضلية، وتقليل الآثار الجانبية للعلاجات الكيميائية والإشعاعية، وتحسين جودة الحياة بشكل عام. وتشير الدراسات الحديثة إلى أن الحالة التغذوية الجيدة قد تُحسّن الاستجابة للعلاج وتُقلّل من حدوث المضاعفات.
أولًا: لماذا تتأثر الحالة التغذوية لدى مرضى الأورام؟
تسهم عدة عوامل في سوء التغذية لدى المرضى، منها:
1. تأثير الورم نفسه
=زيادة استهلاك الطاقة بسبب الاستقلاب المرتفع.
=تحفيز الالتهاب الجهازي الذي يؤدي إلى الهزال (Cachexia).
=التأثير على الجهاز الهضمي (انسدادات، سوء امتصاص، آلام).
2. العلاجات الطبية
=العلاج الكيميائي: فقدان الشهية، الغثيان، الإسهال أو الإمساك، تغيّر حاسة التذوق.
=العلاج الإشعاعي: التهابات الفم والجهاز الهضمي، صعوبة البلع.
=العلاج المناعي: اضطرابات الجهاز الهضمي وفقدان الوزن.
3. العوامل النفسية
القلق والاكتئاب شائعان وقد يؤديان إلى شهية منخفضة وضعف تناول الطعام.
ثانيًا: أهداف التغذية العلاجية لمرضى الأورام
1. منع سوء التغذية أو علاجه
2. الحفاظ على الوزن والكتلة العضلية
3. تخفيف الأعراض والآثار الجانبية للعلاجات
4. دعم جهاز المناعة وتعزيز القدرة على تحمل العلاج
5. تحسين التعافي وتقليل مدة البقاء في المستشفى
ثالثًا: الاحتياجات الغذائية الأساسية لمرضى السرطان
1. السعرات الحرارية
يحتاج معظم المرضى إلى 25–35 سعرة حرارية/كغ/يوم.
تزداد الحاجة لدى المرضى الذين يعانون من الهزال أو الالتهابات.
2. البروتين
ضروري للحفاظ على العضلات وإصلاح الأنسجة.
الصناعي الموصى به: 1.2–2 غ/كغ/يوم.
مصادر جيدة:
اللحوم البيضاء، الأسماك، البيض.
البقوليات (عدس، حمص).
منتجات الألبان.
3. الدهون
يُفضّل التركيز على الدهون الصحية (أوميغا-3، زيت الزيتون).
تساعد الأوميغا-3 على خفض الالتهاب وتقليل الهزال لدى بعض المرضى.
4. الكربوهيدرات
=التركيز على الكربوهيدرات المعقدة (حبوب كاملة، خضروات).
=تقليل السكريات البسيطة التي ترفع الالتهاب وتزيد مقاومة الأنسولين.
5. الفيتامينات والمعادن
أهمها:
فيتامين D
فيتامين B12
الحديد
الزنك
مضادات الأكسدة الطبيعية (وليس المكملات عادةً)
لا يُنصح بتناول جرعات عالية من مكملات مضادات الأكسدة خلال العلاج الكيميائي بدون إشراف طبي.
رابعًا: أنماط غذائية ثبتت فائدتها لمرضى الأورام
1. النظام الغذائي المتوسطي (Mediterranean Diet)
غني بالخضروات والفواكه والحبوب الكاملة والأسماك.
يُساهم في خفض الالتهاب وتحسين المناعة.
2. النظام النباتي المتوازن
مفيد بشرط عدم إهمال البروتينات وفيتامين B12.
غني بمضادات الأكسدة الطبيعية.
3. التغذية الكيتونية (Ketogenic Diet)
لا تزال قيد البحث.
تشير بعض الدراسات إلى أنها قد تُقلّل نمو بعض الأورام، لكنها لا تُستخدم إلا تحت إشراف طبي.
خامسًا: التغذية أثناء العلاجات المختلفة
1. أثناء العلاج الكيميائي
يُنصح بـ:
تناول وجبات صغيرة متكررة.
استخدام الأطعمة الباردة للحد من الغثيان.
زيادة البروتين في كل وجبة.
شرب السوائل بكميات مناسبة لمنع الجفاف.
2. أثناء العلاج الإشعاعي
في حال إشعاع الرأس والرقبة: اعتماد الأطعمة اللينة أو السائلة.
في حال إشعاع البطن والحوض: تقليل الألياف إن وُجد إسهال.
3. أثناء العلاج المناعي
مراقبة الإسهال ونقص الوزن.
شرب سوائل كافية وتناول الأغذية سهلة الهضم.
سادسًا: التغذية السريرية (Enteral & Parenteral Nutrition)
1. التغذية عبر الأنبوب (Enteral)
ضرورية في:
صعوبة البلع.
فقدان الشهية الشديد.
انسداد جزئي في الجهاز الهضمي.
2. التغذية الوريدية (Parenteral)
تُستخدم فقط عند:
فشل الجهاز الهضمي.
انسداد كامل في الأمعاء.
سوء امتصاص شديد.
سابعًا: الأغذية المفيدة لمرضى الأورام
1. مضادات الالتهاب الطبيعية
الكركم
الزنجبيل
الثوم
زيت الزيتون
2. مصادر البروتين عالية الجودة
البيض
لبن الزبادي
الأسماك الدهنية
3. أغذية تعزز المناعة
الفواكه الغنية بفيتامين C
الخضروات الورقية
المكسرات
4. السوائل
الماء
الشوربات
الأعشاب الداعمة للهضم (النعناع، البابونج)
ثامنًا: أغذية يُفضّل تجنبها
الأطعمة المقلية والدهون المشبعة.
اللحوم المصنعة (النقانق، اللحم المقدد).
السكريات البسيطة بكميات كبيرة.
المشروبات الغازية.
الكحول.
تاسعًا: مكملات غذائية قد تكون مفيدة (تحديد بناءً على احتياج المريض فقط)
فيتامين D
البروبيوتيك لتحسين الهضم
أوميغا-3
بروتينات طبية عالية الامتصاص
يجب عدم استخدام أي مكمل أثناء العلاج دون استشارة الطبيب أو اختصاصي التغذية.
عاشرًا: الاعتبارات النفسية والسلوكية
الدعم النفسي والغذائي المتكامل يقلّل من فقدان الشهية.
مشاركة الطعام مع الأسرة تُحسّن تناول الوجبات.
الاستعانة بخبير تغذية متخصص في الأورام أمر مهم للغاية.
إن التغذية ليست مجرد جزءٍ مكمل في علاج الأورام؛ بل هي عنصر أساسي يمكنه تحسين استجابة الجسم للعلاج، وتقليل الآثار الجانبية، ودعم المناعة، والحفاظ على القوة البدنية والنفسية للمريض. ومع تزايد الأدلة العلمية، أصبح من الواضح أن المقاربة الأفضل هي دمج العلاج الطبي مع خطة تغذية مخصصة تُلائم حالة كل مريض.لذا لبد من استشارة طبيبك المعالج وأخذ المعلومات الصحيحة وليس من وسائل تواصل الاجتماعي.
دمتم أعزائي بصحة وعافية.
#العلاج الإشعاعي مطلب كل مريض سرطان في عدن
بقلم د.أماني صالح هادي سعيد
أخصائي علاج الأورام والعلاج بالإشعاع