حكاية الحوثيين مع الدين تشبه حكاية الذي ذبح الثور وقطعه وأكله ورجع من بعد ذلك يشارع ويقاتل ويكابر من أجل مربض للثور.. جماعة تتعامل مع الدين تعاملاً نفعياً بحتاً، ليس له علاقة بالقداسة ووحدانية الرب ونزاهة النهج، بقدر ما هو سبيل أقرب إلى تحقيق المنفعة أو المصلحة الشخصية والتي تمثلت منذ وقت بعيد في عنصرين هما السلطة والثروة.
والقضية ليست وليدة اللحظة الراهنة فالتاريخ منذ اربعة عشر قرناً وهو يوثق ويدون مثل هذه الانقلابات والتحركات التي تحدث الفوضى والقلقلات كعارض، ثم سرعان ما تتلاشى عصابات ادعاء الفضيلة والتفضيل الرباني، وسرقة أموال الناس تحت شعارات باطلة كالحق الرباني والمظلوميات والخزعبلات التي يبتكرونها من زمن لآخر، مستفيدين ودائماً من ضعف الدولة التي ينشأون داخلها تحت أستار الفضيلة والمدنية.
وحين تلوح لهم الفرصة يظهرون أنفسهم كأصحاب حق تاريخي يزورون من أجله ما يمكن تزويره من نصوص حتى مقدسة، ومن تاريخ ومن أحداث ماضوية يعيدون صياغتها بالصورة التي تنسجم مع مشاريعهم، تلك المشاريع التي لم تتراجع عبر الزمن، ولم تتغير عن كونها مشاريع انقلابية لا تحدث برعاية شعبية وجمعية، بقدر ما تعتمد على القوة الباطشة وإرغام الناس على التصديق والإيمان حتى بما يتنافى مع النهج القويم، تحت أسقف تابوهات تاريخية يعبثون فيها كما يحلو لهم.
وما يقوم به الحوثيون اليوم بكل تفاصيله ينحو ذات النحو الادعائي القذر تحت شعارات وعناوين فضفاضة ومشبعة بالمثالية، ولكنها تلك المثالية الزائفة التي اعتمدت وتعتمد بشكل اساسي على النفعية أو تميل في مسارها نحو النفعي القذر، لذلك سرعان ما انكشفت وتنكشف كما يحدث دائماً في السياق التاريخي، وبالتالي يتحول المقدس الذي يتبنونه إلى مجرد وجاء ومبررات مشفوعة بالكذب والزيف علانية والتدليس والترهيب وإيقاد الفتن كالحروب والتقتيل والمحن كالجوع والتجويع والبلاء كالفساد والإفساد مهما تظاهرت بغير ذلك.
وجماعة الحوثي من تلك الجماعات أو المكروبات التي تظهر في جسم الأمة كلما اعتل وضعف وتراجعت مناعته، ولم يعد ذلك خافياً على أحد فسبع سنوات عبرت كانت كفيلة بإيضاح وتأكيد تلك الصورة السيئة التي مهما حاولوا إخفاءها تحت زي الفضيلة والتدين الكاذب والتظاهر بتحقيق العدالات الأرضية والسماواتية، محاولين الإقناع بكونهم وحدهم أولياء ووكلاء الله والمفوضية منه بتحقيق العدالة التي تمثله..
حتى الله سبحانه وتعالى لم ولا يسلم من تعكز هذه وتلك الجماعات الإرهابية على قدسيته وعلى مشيئاته التي تنحصر في مناهجهم وولاياتهم، ويشعرونك وكأن الدين والدنيا والرسل ومن وراء كل ذلك الله علا شأنه، لم يكن ليوجد إلا من أجل أن يسودوا ويتميزوا على البشر ويستعبدوهم ويمتصوا دماءهم وأموالهم.. وخرافات ودعاوى باتت اليوم مكشوفة للعامة قبل الخاصة وحتى للأميين قبل المتعلمين.
ومع ذلك اعتقدت وتعتقد مثل هذه الجماعات أن مثل هذه الخرافات والدعاوى الباطلة ما تزال ماضيةً ورائجة، وكما كشف التاريخ سابقاتها في مواضع كثيرة منه، يكشفها اليوم، ويضعها في مواجهة صريحة مع اليمنيين على منحر قريباً ما سيغرق بدمائها ودماء قاداتها وتابعيها كمجموعة من البغاة اللصوص الذين لا حاجة للتاريخ بوجودها.