الهجوم الحوثي على حزب المؤتمر وقياداته وكذلك على موظفي القطاع العام، لم يأت من فراغ، بل جاء نتيجة ثقافة وتعبئة لا تقبل بالاعتراف بحقوق الآخرين، فهم في نظر الجماعة مجرد منافقين ما داموا لا يوالون ويسلمون لفكرها، غير آبهين بأي معنى من معاني الشراكة التي تجمعهم مع المؤتمر في صنعاء، وإن كان الجميع يعلم أنها شراكة صورية ديكورية لا أقل ولا أكثر.
من يقترب من قيادات الحوثيين المؤثرين يعرف بما لا يدع للشك مدى حقدهم على المؤتمر كحزب وعلى قواعدة الشعبية، فهم يرون في المؤتمر عدوا حتميا مستقبلاً، وهذا ما يظهر في خطبهم ومنابرهم وصحفهم ومن خلال ناشطيهم ودعوات بعض قياداتهم بتصفية المؤتمر ومصادرة ممتلكاته، ولولا حاجتهم للتمثيل على المجتمع الدولي بأنهم جماعة تتقبل الشراكة، لأعلنوا حظر حزب المؤتمر وكل الأحزاب السياسية ومحاكمة قاداتها وقواعدها، فهناك حالة غريبة من العدائية الكبيرة وغير المبررة للأحزاب، ولا شيء يعكر صفو الجماعة وقيادتها أكثر من كلمة (الأحزاب)، ومفردة الديمقراطية، فهم يرون في الأحزاب مجرد أداة من أدوات تمزيق المجتمع وتشتيت الالتفاف حول قيادتهم الربانية التي يزعمونها، وأما الديمقراطية فهي كذبة أمريكية صهيونية ولا يجب أن تطبق، فالحكم معروف مصدره ومآله وفق مبدأ الولاية الذي يتمسكون به.
ولا شك أن الهجوم على أبو راس وما يتم التحضير له لإقصاء آلاف الموظفين تحت حجة (إصلاح مؤسسات الدولة)، واستمرار نهب مقدرات اليمنيين ورواتبهم وحقوقهم، ليس سوى قطرة في بحر الإجرام والرغبة الحوثية الجامحة في التنكيل باليمن وشعبه وإعادته إلى عصور الانغلاق والكهنوت والرأي الواحد المحظور نقده أو معارضته.