تصاعدت المواجهة بين حزب المؤتمر الشعبي العام وعصابة الحوثي الكهنوتية بعدما أعلنت الأخيرة إجراءات تهدف إلى تنفيذ تغييرات في المناهج الدراسية، والمساس بقيم اليمنيين الجمهورية وأصول معتقدهم الديني.
كان الحوثيون قد سرقوا حوالي 4 مليار دولار من البنك المركزي منذ سيطرتهم على العاصمة صنعاء، وهذا ما أكده الشهيد الأمين عارف الزوكا في إحدى كلماته، كما نفذوا العديد من الإجراءات التي أسهمت في تدمير مؤسسات الدولة وتجويع اليمنيين، لكن الأمر الذي سرع في المواجهة بين الحزب الجمهوري (المؤتمر الشعبي العام) وبين العصابة الإمامية الحوثية هي عملية تغيير المناهج الدراسية واستهداف قيم النظام الجمهوري ومعتقدات اليمنيين، وهي الأمور التي لا يمكن التخلي عنها ولا حتى المساس بها.
استمر رفض حزب المؤتمر لممارسات الحوثيين الذين رفضوا كل المبادرات وتجاهلوا كل التنازلات، حتى تحول الرفض السياسي إلى انتفاضة شعبية يهتف أنصارها بشعار "لا حوثي بعد اليوم" في الثاني من ديسمبر 2017.
خرج اليمنيون بمختلف أطيافهم وألوانهم إلى الشوارع يهتفون برحيل الحوثيين ويمزقون صور قياداتهم. وظهر الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح -رحمه الله- في خطاب تاريخي متلفز مطالبا اليمنيين بالثورة ضد الكهنوت الإمامي العنصري، وبدأت المواجهات بين المواطنين وميليشيات الحوثي في أكثر من منطقة ومحافظة يمنية.
كانت ثورة ضد الكهنوت والعنصرية والفساد والجهل.. وصل اليمنيون إلى قناعة بأن الحرب الشاملة لن تتوقف إلا بالقضاء على من أشعلها ويقتات عليها، وأن بناء ما دمره الحوثيون لن يتم إلا بعد القضاء على الوباء العنصري المدمر، وأن التعايش بين اليمنيين لن يحدث إلا بكسر الطرف "العرقطائفي" الذي يريد أن يهيمن على كل اليمن المتنوع ويفرض خرافته ومعتقده الكارثي على الجميع بالقوة والتجويع.
وقتها كنت في القاهرة أتابع ما يحدث أولاً بأول، وأتواصل مع أصدقائي الثائرين في ميادين وشوارع صنعاء وذمار والمحويت. كانت حناجرهم تصدح بكل شجاعة "لا حوثي بعد اليوم"، "بالروح بالدم نفديك يا يمن"، "عاشت الجمهورية اليمنية"، ونسمعها نحن والفرحة تملأ القلوب ونصافح ونعانق بعضنا بعضا.
كانت تلك الانتفاضة أمل اليمنيين في التحرر من جاثوم الكهنوت الإمامي العنصري ومخرجا ينتظره العالم من مستنقع الحرب ليبدأ الشعب اليمني صفحة جديدة قائمة على المواطنة المتساوية والعدالة الاجتماعية.
ثورة الثاني من ديسمبر واحدة من الأدلة القاطعة التي تؤكد بأن اليمنيين بمختلف أطيافهم وألوانهم وأعراقهم ومناطقهم يرفضون الكهنوتية الحوثية وسيستمرون في هذه المواجهة -التي بدأت قديما- حتى يتم القضاء على العنصرية بإذن الله.