أن تقوم جماعة إرهابية مسلحة بالانقلاب على الشرعية الدستورية واختطاف السلطة، وإثارة الرعب في قلوب أبناء الشعب، وتهديدهم بالموت والسجن والنفي، وفرض الإتاوات والجبايات عليهم، وابتزازهم والابتزاز بهم، ثم تحاول الإقناع بأنها تعمل من أجل صالح الوطن والشعب، ففي ذلك تناقض لا يكاد يخفى على أحد.. تناقض لا علاقة له بالواقع والمنطق، لا من قريب ولا من بعيد..!! وهذا ما تفعله جماعة الحوثيين الانقلابية في مساحة الأرض والسلطة اللتين اختطفتهما واستولت عليهما..
وأن تحاول أطراف أو قوى دولية، تحتل أحياناً محل الخصم، وأحياناً أخرى محل الوسيط، أن تقنع الداخل والخارج بصحة ذلك الواقع وإمكانية الوصول لحلول ترضي الشعب، بالتحاور مع هذه الجماعة، وإتاحة الفرص لتعود لجادة الصواب، وبث شيء من الأمل في موقف الشعب، ودعم دعاوى هذا الانقلاب وصحة موقفه.. فإن ذلك بطبيعة حاله يتجاوز حدود المنطق والعقل، ويدعم بقوة ذلك التناقض المشين، فما بالنا بالواقع العادل الذي يأمل اليمنيون الوصول إليه، وإنهاء هذا التأزم الخانق الذي وقع فيه..!؟
وأن تتم محاولة التغاضي وغض النظر عن ممارسات هذه الجماعة المنقلبة، والإقناع بإمكانية الوصول لحل معها، بالرغم من أن هذه الجماعة قد جعلت من الانقلاب ثقافة ونهجاً، وفضلاً عن انقلابها على الشرعية والشعب، لم تكن طرفاً في حوار أو نقاش، إلا وانقلبت عليه مراراً وتكراراً، وهدمت كل طوبة توضع في بنائه، لإداركها الأكيد بأن أي اتفاق يصب في صالح الوطن عموماً يتنافى مع مشروعها وأطماعها، ويتعارض مع مصالحها الخاصة.. فذلك التغاضي هو بصريح العبارة دعم مباشر وغير مباشر لوجود وتمكن هذه العصابة المنقلبة..
إن التدخل من قبل أطراف خارجية في الأزمة اليمنية، وهي في الأساس أزمة شرعية وانقلاب، بطريقة تساوي بين الشرعية والانقلاب، على أنهما طرفان متعادلان، رغم الاعتراف الصريح والرسمي من قبل تلك الأطراف، بكون ما حصل ويحصل هو انقلاب من قبل جماعة تسلك سلوك الجماعات الإرهابية، وتستغل احتكامها على السلطة والسلاح لإذلال وإرهاب المواطنين من جهة، والمزايدة والابتزاز بهم من جهة أخرى.. هو، في نظرنا كشعب يمني وفي نظر العالم أجمع، تدخل مشبوه، ولا يمكن الركون عليه في الوصول لحل منجز، وإنهاء لهذه الأزمة التي يتبين من يوم لآخر أن هناك من يمسك بأطرافها ويتحكم في مساراتها.