آراء

الصحة النفسية في البيئة التعليمية.. بين المسؤولية التربوية والتحديات المجتمعية

محمد العياشي

|
قبل 3 ساعة و 40 دقيقة
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook

بمناسبة اليوم العالمي للصحة النفسية الذي يصادف 10 من أكتوبر، أتوجه بحديثي إلى كل معلم وولي أمر يهتم بالصحة النفسية لأبنائنا وطلابنا. كمعلم، أواجه يوميًا حالات عديدة تثير قلقي وتفكيري، حيث يشاركني أولياء الأمور مخاوفهم حول سلوك أبنائهم، مثل قول أحدهم: ابني يعاني من خوف غير مبرر، أو آخر: ابني يبكي تلقائيًا دون سبب واضح، أو ثالث: ابني كثير الحركة ولا يستطيع التركيز. هذه المشاهدات اليومية تذكرني بدوري الكبير في فهم ودعم الصحة النفسية للطلاب.

 

أثناء دراستي الجامعية في كلية التربية جامعة ذمار في مستوياتي الأولى، كان لدي متطلبا علم نفس واحد وعلم نفس اثنين في النمو والتعلم، وكان من حسن حظي أن درست على يد الدكتور فؤاد زايد - حفظه الله - الذي كان أستاذًا موسوعيًا، استفدنا منه كثيرًا في فهم كيفية معالجة مثل هذه الحالات التي نواجهها سواء في البيت أو المدرسة.


يقول الدكتور فؤاد زايد، الاختصاصي في علم النفس التربوي، عن أحد الجذور الأساسية للمشكلات النفسية لدى الأطفال فيقول: بعض الآباء يعلمون أبناءهم بأن العالم خطير، وبكل أسف هذه المعتقدات تضر بصحتهم ولا تجلب السعادة لهم، وتجعلهم غير ناجحين، وغير راضين عن حياتهم، بل عرضة للاكتئاب والحزن والقلق. فهذه المشاعر السلبية تؤدي إلى عدم الشعور بالأمان وإلى النظرة التشاؤمية.

 

كما أتذكر حديث الدكتور مهيوب المخلافي، الاختصاصي في علم النفس، الذي استضفته في برنامجي الإذاعي "صحتك تهمنا" على راديو "صوت الوطن" حيث قدم إرشادات عملية قيمة للتعامل مع مخاوف الأطفال، فقال: العلاج يجب أن يبدأ بتقبل حقيقة مخاوف الطفل على أنها شيء منطقي، وتقديم الدعم له عندما يكون خائفًا، واتباع سياسة تحليل الموقف، وأن يستخدموا الكلمات المطمئنة للطفل. ويجب أن يعلم الوالدان أن بعض المخاوف جيدة، حيث يجب أن يكون لدى الطفل حذر صحي، فقد يكون الناس الغرباء خطيرين.

 


وهنا أشيد ببعض المدارس التي تضم أخصائيين أو أخصائيات نفسيين، وهذا أمر ممتاز لا سيما في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها محافظتنا مأرب ، حيث أغلب أولياء الأمور إما شهداء أو جرحى أو يعانون من وضع اقتصادي منهار، وهو ما ينعكس سلباً على الطالب. ولهذا فإن المجهود الذي يبذله هؤلاء الأخصائيون كبير وجليل، ونتمنى لهم كل التوفيق في مساندتهم لطلابنا.

 

هذه التوجيهات تذكرنا بأن دورنا كمعلمين وأولياء أمور لا يقتصر على توفير المتطلبات المادية والتعليمية فحسب، بل يمتد إلى بناء شخصية سوية نفسيًا للطفل، قادرة على مواجهة الحياة بتوازن. فالطفل الذي يشعر بالأمان والطمأنينة، وينشأ في بيئة تحترم مشاعره وتفهم مخاوفه، يكون أكثر قدرة على تحقيق النجاح والرضا عن حياته.

 

في هذا اليوم العالمي للصحة النفسية، أدعو كل معلم وولي أمر إلى أن يكونوا سندًا نفسيًا لأبنائنا، وأن نعمل معًا لبناء جيل يتمتع بصحة نفسية سليمة، قادر على العطاء والإبداع، ومتسلح بالثقة والأمل. فاستثمارنا في الصحة النفسية لأطفالنا هو استثمار في مستقبل أفضل لهم ولمجتمعنا بأكمله.

 

جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية