لطالما كانت، وما تزال. تصريحات "الحوثي" بامتلاك "أسلحة استراتيجية" سرية من شأنها أن تغير معادلة القوى الدولية، وتقلب الوضع العسكري.. مثارا للسخرية والتندر، في الداخل والخارج.. كون الجميع يعرف البير "الحوثي" وغطاه، وسذاجة وسماجة عنترياته.
لكن. ما لا تنتبه له الغالبية. أن الحرب لها أكثر من ميدان، وأن "الأسلحة الاستراتيجية" ليست عسكرية بالضرورة، وعلى هذا الصعيد. يمتلك "الحوثي" بالفعل أسلحة دمار شامل. قريبة ومتوسطة وبعيدة المدى، أكثر خطورة. وأكثر ضحايا، وأعمق تأثيرا على المستقبل.
كتاب مدرسي مثل "التربية الوطنية" الجديد. أخطر على اليمن من عدة قنابل ذرية بحجم قنبلة "هيروشيما". تلك القنبلة قتلت فقط "140.000" شخص في محيط انفجارها، بينما هذا الكتاب، يحول ملايين الطلاب على امتداد اليمن. إلى قنابل موقوتة.!
"التعليم" باعتباره الأداة الأكثر فاعلية للتأثير والتغيير، والخيار الاستراتيجي الأكثر ضمانة للسيطرة على المستقبل. ميدان حرب أكثر أهمية وخطورة.. من يراهن على الأسلحة قد يكسب "المعركة". لكن من يراهن على التعليم يكسب "الحرب".
الجماعات الدينية. رغم اعتمادها على العنف والسلاح، أكثر انتباها لكون "المدارس" أهم من "المتارس" على المستوى الاستراتيجي المستقبلي، وبالذات هذه الجماعة التي ظهرت عام 1992، من خلال المراكز التعليمية الدينية أهمها "مدارس الشباب المؤمن".
صحيح أن هذه الجماعة وصلت إلى السلطة عام 2015م. اعتمادا على السلاح. لكن المدارس الدينية هي التي جلبت لها "المجاهدين"، وصحيح أنها بالسلاح صمدت حتى اليوم أمام "المقاومة". لكن أيضا المجاهدين والعقيدة الجهادية.. صناعة ثقافية تعليمية.
لكن. في الأخير. الميليشيات مهما بلغت كثرتها وسطوتها.. قد تسيطر على الجبهات والفضاء العام، لكن من المستحيل، بالحديد والنار. أن تسيطر على روح الشعب وضميره. وهي نقطة يدركها "الحوثي" منذ البدء: الأغلبية الساحقة من الشعب اليمني ليست معه، بل ضده.